للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذنب. فإن أخذت أخذت بحقك، وإن عفوت عفوت بفضل. ثم ذكر له حديثا في العفو فقال: قد قبلت الحديث وعفوت عنك. ها هنا يا عم ها هنا يا عم.

وقال ابن الأنباري: حدثنا أحمد بن الهيثم، قال: حدثنا إبراهيم بن المهدي، قال: حدثنا حماد بن الأبح، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نوقش الحساب عذب. كذا أخرجه الحافظ ابن عساكر في صدر ترجمة إبراهيم، وهو إبراهيم بن مهدي المصيصي إن شاء الله.

وقال إبراهيم الحربي: نودي سنة ثمانٍ ومائتين أن أمير المؤمنين قد عفا عن عمه إبراهيم. وكان إبراهيم حسن الوجه، حسن الغناء، حسن المجلس، رأيته وأنا مع القواريري يوما، وكان على حمار، فقبل القواريري فخذه.

وقال داود بن سليمان الأنباري: حدثنا ثمامة بن أشرس، قال: قال لي المأمون: قد عزمت على تفزيع عمي، قال: فحضرت، فبينا نحن على السماط إذ سمعت صلصلة الحديد، فإذا بإبراهيم موقوف على البساط، ممسوك بضبعيه، مغلولة يده إلى عنقه، قد تهدل شعره على عينيه، فسلم، فقال المأمون: لا سلم الله عليك، أكفر يا إبراهيم بالنعمة وخروج على أمير المؤمنين؟! فقال: يا أمير المؤمنين، إن القدرة تذهب الحفيظة. ومن مد له في الاغترار هجمت به الأناة على التلف. وقد رفعك الله فوق كل ذي ذنب، كما وضع كل ذي ذنب دونك، فإن تعاقب فبحقك، وإن تعف فبفضلك، فقال: إن هذين قد أشارا علي بقتلك، وأومأ إلى المعتصم أخيه، وإلى العباس ابنه، فقال: أشارا عليك بما يشار به على مثلك، وفي مثلي من حسن السياسة، وإن الملك عقيم، ولكنك تأبى أن تستجلب نصرا إلا من حيث عودك الله، وأنا عمك، والعم صنو الأب. وبكى فتغرغرت عينا المأمون، ثم قال: يا ثمامة، إن الكلام كلامٌ كالدر، يا غلمان حلوا عن عمي، وغيروا من حالته في أسرع وقت، وجيئوني به، ففعلوا ذلك، فأحضره مجلسه، ونادمه، وسأله أن يغني، فأبى وقال: نذرت لله عند خلاصي تركه، فعزم عليه، وأمر أن يوضع العود في حجره، فغنى.

وعن منصور بن المهدي قال: كان أخي إبراهيم إذا تنحنح طرب من

<<  <  ج: ص:  >  >>