فخرج في عسكر قليل، ونزل السّائح، وعمل المصافّ مع عمّه، فانكسر وولى، والمصريّون منهزمين، وكان بعضهم مخامرين وتخاذلوا عنه، فاضطرّ إلى أن ترك مصر، وتعوَّض بميَّافارقين، وحاني وسميساط، ودخل العادل القاهرة في الحادي والعشرين من ربيع الآخر، واجتمع به الأفضل، ثم سافر إلى صرخد.
ثم طلب العادل ابنه الكامل، وملك الدّيار المصرّية، وجعل ابنه الكامل نائبًا عنه، فناب عنه قريبًا من عشرين سنة، ثمّ استقلّ بالملك بعده عشرين سنة وأشهراً.
وأنبأنا ابن البزوريّ قال: في ربيع الآخر التقى عسكر العادل وعسكر الأفضل، فانهزم عسكر الأفضل وهو إلى القاهرة، فساق العادل ونزل محاصرًا القاهرة، فأرسل الأفضل إلى عمّه العادل يقنع منه ببعض بلاده، فقال للعادل: أريد دمشق، فلم يجبه، ثم آل الأمر إلى أن رضي بميّافارقين وخرج من مصر، ودخلها العادل فعمل أتابيكة الملك المنصور عليّ ابن العزيز، ثم لم يبرح يتلطف ويتألف الأمراء إلى أن ملك الدّيار المصرية، وخطب لنفسه وقال: هذا صبيّ يحتاج إلى المكتب ثم قطع خطبة الصَّبي.
وفيها قدم بغداد من المغرب رسول الملثّمة، من مخدومه إسحاق بن يحيى بن إسحاق بن غانية الملثَّم المايرقي الخارج على بني عبد المؤمن، فتلقّي بالموكب الشّريف، وأخبر أن مرسله أقام الدّعوة للخليفة ببلاده بلاد المغرب.
أنبأني ابن البزوريّ قال: أخبرت أنّ الرسول المذكور كان ملثّما لا يظهر منه سوى عينيه، وأقام ببغداد أيّاماً، وأعطي لواء أسود وخلعاً، وأعيد إلى مرسله.
وحجّ من العراق بالنّاس سنقر النّاصريّ، ويعرف بوجه السَّبع.
ولمّا تمكن السّلطان الملك العادل سيف الدّين أبو بكر من مملكة مصر سيَّر الأميرين علم الدّين كرجيّ الأسدي، وأسد الدّين سراسنقر ليحضرا ولده الملك الكامل، فدخل الكامل إلى القاهرة في أواخر رمضان من السّنة، وخرج العادل بأمراء الدّولة المصريّة بأن يبرزوا معه ليسيروا إلى خلاط، وحثهم على ذلك.
فلما كان سابع عشر شوّال ركب بالسّناجق والسّيوف المجذَّبة في الدَّست، فلم يجسر أحد من الأمراء أن ينطق، وأمر الخطباء أن يخطبوا باسمه