سمعتُ الإمام أبا إبراهيم محاسن بن عبد الملك التنوخي يقول: كان الشيخ العماد جوهرة العَصر.
قال الضياء: أعرف وأنا صغيرٌ أن جميع مَنْ كان في الجبل يتعلّم القرآن كان يقرأ عليه، وختّم جماعة من أصحابنا، وكان له صبر عظيم على من يقرأ عليه. سمعت بعضهم يقول: إن مَنْ قرأ على الشيخ العِماد لا ينسى الختمة أبداً. وكان يتألّف الناس، ويلطُف بالغُرباء والمساكين، حتى صار من تلاميذه جماعةٌ من الأكراد والعرب والعجَم، وكان يتفقّدهم ويطعمهم ما أمكنه. ولقد صحبه جماعةٌ من أنواع المذاهب، فرجعوا عن مذاهبهم لما شاهدوا منه. وكان سخيّاً جواداً، بيته مأوى الناس، وكان ينصرّف كل ليلة إلى بيته من الفقراء جماعة كبيرة. وكان يتفقّد الناس ويسأل عن أحوالهم كثيراً، ويلقاهم بالبِشر الدائم. وكان من إكرامه لأصحابه يظنّ كل أحدٍ أن ما عنده مثله، من كثرة ما يُكرمه، ويأخذ بقلبه. وكان يبعث بالنفقة سرّاً إلى الناس، فعل ذلك كثيراً.
سمعت أبا محمد عبد الله بن حسن بن محمد الهكّاري المقرئ بحرّان يقول: رأيت في النوم قائلاً يقول لي: العماد - يعني إبراهيم بن عبد الواحد - من الأبدال. فرأيته خمس ليالٍ كذلك.
قال الضياء: وقد سمعتُ خلقاً من الناس يمدحونه بالصلاح، والزُّهد، والوَرَع، ولا يشّكون أنه من أولياء الله وخاصّته، ومن الداعين إلى محبته وطاعته.
سمعت الزاهد أحمد بن سلامة بن أحمد بن سَلمان الحرّاني، قال: حدّثني الشيخ خليفة بن شُقير الحرّاني - وكان من أعبد أهل زمانه؛ كان يصلّي من بُكرة إلى العصر، وكان يقوم طول الليل - قال: مضيت مرة إلى زيارة القُدس على رِجليَّ، فوصلت وأنا جائع، فنمت، فإذا رجل يوقظني، فإذا رجل ومعه طبيخ، فقال: اقعد كلْ! فقلت: كيف آكل، وأنا لا أعلم من أين هو؟ فقال: هو حلال، وما عملته إلا لأجلك. فأكلتُ، ثم جاءني مرة ثانية فقال: جاءني أربعة رجال فقالوا: جزاك الله خيراً، حيث أوصلت المعروف إلى أهله،