قد قلت لما هاج قلبي الذكرى وأعرضت وسط السماء الشعرى ما أطيب الليل بسر مرأى.
فقال: ما أطيب الليل بمرج عذرا.
فأمر له أبو الجيش بمائة ألف دينار.
فقلت: أيها الأمير، تعطي مغنيًا في بدل كلمة مائة ألف دينار، وتضايق المعتضد.
فقال لي: فكيف أعمل وقد أمرت، ولست أرجع؟
فقلت: تجعلها مائة ألف درهم.
فقال لي: فأطلقها له معجلة، وما بقي نبسطها في سنين حتى تصل إليه.
قال ابن مسرور: وحدثني أبو محمد، عن أبيه قال: كنت مع أبي الجيش على نهر ثورا، فانحدر من الجبل أعرابي فأخذ بلجامه، فصاح به الغلمان فقال: دعوه.
قال: أيها الملك اسمع لي. قال: قل. فقال: إن السنان وحد السيف لو نطقا لحدثا عنك بين الناس بالعجب أفنيت مالك تعطيه وتنهبه يا آفة الفضة البيضاء والذهب.
فأعطاه خمس مائة دينار.
فقال: أيها الملك زدني.
فقال للغلمان: اطرحوا سيوفكم ومناطقكم.
فقال: أيها الملك، أثقلتني.
قال: أعطوه بغلًا.
ونقل غيره واحد أن محمد بن أبي الساج قصد خمارويه في جيش عظيم من بلاد أرمينية والجبال، وسار إلى جهة مصر، فالتقاه خمارويه فهزمه خمارويه، وكانت ملحمة مشهودة.
ثم ساق خمارويه حتى بلغ الفرات ودخل أصحابه الروم، وعاد وقد ملك من الفرات إلى النوبة. ولما استخلف المعتضد بادر خمارويه وبعث إليه بالهدايا والتحف، وسأله أن يزوج بنته قطر الندى بولده المكتفي بالله.
فقال المعتضد: بل أنا أتزوجها.
فتزوج بها في سنة إحدى وثمانين، ودخل بها في آخر العام.
وأصدقها ألف ألف درهم. فيقال: إن المعتضد أراد بزواجها أن يفقر أباها. وكذا وقع، فإنه جهزها بجهاز عظيم يتجاوز الوصف. حتى قيل: إنه أدخل معها ألف هاون من الذهب، والله أعلم بصحة ذلك.
والتزم للمعتضد أن يحمل إليه في السنة مائتي ألف دينار، بعد القيام بمصالح بلاده.
قال ابن عساكر: قرأت بخط أبي الحسين الرازي: حدثني إبراهيم بن