في أولها جلس الديوان المستخدم لاستخراج أربعة أشهر من جميع الأملاك والأوقاف التي بدمشق وظاهرها، فعظم ذلك على الناس وهرب غير واحد واختفى آخرون.
ثم كثرت الأراجيف بمجيء التتار، وشرع الناس في الجفل إلى مصر وإلى الحصون واشتد الأمر في صفر، وغلا الكراء وبلغ كراء المحارة (١) خمسمائة إلى مصر، وأبيعت الأمتعة والنحاس بالهوان، ثم نودي في البلد أن لا يسافر أحد إلا بمرسوم.
وجاءت قصاد المسلمين بركوب التتار، فاختبط البلد.
ودقت البشائر لركوب السلطان من مصر.
ثم جفل من البلد بيت ابن فضل الله في جمع كبير ثم بيت قاضي القضاة وبني صصرى وبني القلانسي وبني المنجى وخلق كثير.
وفي ربيع الأول فترت الأخبار يسيرًا ووصل السلطان إلى غزة، فلما استهل ربيع الآخر كثرت الأراجيف والإزعاج بالتتار، ووصل بعضهم إلى البيرة، فخرج جيش دمشق كله وعرضت العامة والعلماء وغيرهم، فبلغوا خمسة آلاف.
وولي الشد بدمشق عوض أقجبا الأمير سيف الدين بلبان الجوكندار المنصوري الحاجب.
وفيه عدى العدو المخذول الفرات، وقنت الخطيب في الصلوات واشتد الأمر ودخلت التتار إلى حلب وتأخر نائبها إلى حماة واكتريت المحارة بثلاثمائة، وخرج الناس هاربين على وجوههم.
ثم نودي في أواخر الشهر بإبطال الجباية وكان قد جبي الأكثر وبقي كل معثر وضعيف وهارب وما نفع الله بما استخرجوا من الأموال وأكلت وتمسخت.
واشتد المطر والوحل إلى الغاية وقاسى المنهزمون الشدائد في الطرق