وكان جلال الدين قد سير مع رسوله عدة خواتيم يوصلها إلى جماعة الأمراء، منهم من تناول الخاتم وسكت وأجاب إلى القدوم عليه، ومنهم من سارع بالخاتم إلى غياث الدين فغضب وقبض على الرسول، فركب جلال الدين في ثلاثة آلاف، وأسرع حتى أناخ بغياث الدين وهو على غير أهبة للمصاف، فركب فرس النوبة وهرب. ودخل جلال الدين خيمة غياث الدين وبها والدة غياث الدين، فزاد في احترامها، وأنكر هروبه وقال: ما بقي من بني أبي سواه. فسيرت والدته خلفهُ، فعاد إليه فأكرمه.
وحضر إلى باب جلال الدين من كان بخراسان والعراق ومازندران من المتغلبين على البلاد؛ ففرق العمال على البلاد، وسار نحو خوزستان، وسير رسولاً إلى بغداد، فأكرموه وفرحوا بسلامة جلال الدين في مثل هذا الوقت الصعب.
[سنة عشرين وستمائة]
قال أبو شامة: فيها عاد الملك الأشرف من مصر فالتقاه المعظم وعرض عليه النزول بالقلعة، فامتنع ونزل بجوسق والده العادل، وبدت الوحشة بين الإخوة الثلاثة، وأصبح الأشرف رحل من السحر، ونزل على ضمير، ثم سار إلى حران، وكان قد استناب أخاه شهاب الدين غازي صاحب ميافارقين على خلاط، وجعله ولي عهده ومكنه من بلاده، فسولت له نفسه العصيان، وحسّن له ذلك الملك المعظم، وكاتبه، وأعانه. وكذا كاتبه صاحب أربل وقالوا: نحن وراءك. فأرسل الأشرف إلى غازي يطلبه فامتنع، فأرسل إليه: يا أخي لا تفعل، وأنت ولي عهدي والبلاد بحكمك. فأظهر العصيان، فجمع الأشرف عساكره وعسكر حلب، وقصد خلاط.
وقال ابن الأثير: فيها كانت الوقعة بين التتار الذين جازوا دربند، وبين القفجاق والروس، وصبر الفريقان أياماً، ثم انهزم القفجاق والروس، ولم يسلم منهم إلا اليسير. والحمد لله.