وفي شعبان غرقت بغداد غرقاً عظيماً، حتى بلغت زيادة الماء تسعة عشر ذراعاً. وغرق الناس والبهائم، وانهدمت الدور، فلله الأمر.
وفيها: غزا سيف الدين علي بن حمدان بلاد الروم، وجرت له مع الدمستق وقعات نصر الله فيها المؤمنين، وله الحمد.
[سنة تسع وعشرين وثلاثمائة]
فيها عزل بجكم ابن شيرزاد عن كتابته، وصادره على مائة وخمسين ألف دينار.
وفي ربيع الأول اشتدت علة الراضي بالله، وقاء في يومين أرطالاً من دم، ومات. وبويع المتقي لله أخوه.
وكان الراضي سمحاً كريماً أديباً شاعراً فصيحاً، محباً للعلماء. سمع من البغوي، وله شعر مدون.
قال الصولي: سئل الراضي أن يخطب يوم الجمعة، فصعد المنبر بسر من رأى، فحضرت أنا وإسحاق بن المعتمد. فلما خطب شنف الأسماع وبالغ في الموعظة. ثم نزل فصلى بالناس.
وقيل: إن الراضي استسقى وأصابه ذرب عظيم. وكان من أعظم آفاته كثرة الجماع. توفي في منتصف ربيع الآخر، وله إحدى وثلاثون سنة ونصف. ودفن بالرصافة. وهو آخر خليفة جالس الندماء.
خلافة المتقي.
قال الصولي: لما مات الراضي، كان بجكم بواسط، وبلغه الخبر، فكتب إلى كاتبه أبي عبد الله أحمد بن علي الكوفي يأمره أن يجمع القضاة والأعيان بحضرة وزير الراضي أبي القاسم سليمان بن الحسن ويشاورهم فيمن يصلح. وبعث الحسين بن الفضل بن المأمون إلى الكوفي بعشرة آلاف