للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رعى الله قبرين استكانا ببلدةٍ … هما أسكناها في السّواد من القلب

لئن غيَّبًا عن ناظري وتبوَّءا … فؤادي لقد زاد التباعد في القرب

يقرُّ بعيني أن أزور رباهما … وألزق مكنون التّرائب بالتُّرب

وأبكي، وأبكي ساكنيها لعلّني … سأنجد من صحبٍ وأسعد من سحب

فما ساعدت ورق الحمام أخا أسى … ولا روَّحت ريح الصَّبا عن أخي كرب

ولا استعذبت عيناي بعدهما كرى … ولا ظمئت نفسي إلى البارد العذب

أحنُّ ويثني اليأس نفسي على الأسى … كما اضطُّرّ محمولٌ على المركب الصَّعب

وله:

إلهي، قد أفنيت عمري بطالةً … ولم يثنني عنها وعيدٌ ولا وعد

وضيَّعته ستّين عامًا أعدُّها … وما خير عمر إنّما خيره العدُّ

وقدّمت إخواني وأهلي، فأصبحوا … تضمُّهم أرضٌ ويسترهم لحد

وجاء نذير الشّيب لو كنت سامعًا … لوعظ نذير ليسٍ من سمعه بدُّ

تلبّست بالدّنيا، فلمّا تنكّرت … تمنيّت زهدًا حين لا يمكن الزُّهد

وتابعت نفسي في هواها وغيهِّا … وأعرضت عن رشدي وقد أمكن الجهد

ولم آت ما قدّمته عن جهالةٍ … فيمكنني عذرٌ ولا ينفع الجحد

وها أنا من ورد الحمام على مدى … أراقب أن أمشي إليه وأن أعدو

ولم يبق إلاّ ساعة إن أضعتها … فما لك في التّوفيق نقدٌ ولا وعد

قال ابن سكَّرة: توفّي بالمريّة لتسع عشرة ليلة خلت من رجب.

ذكره ابن السّمعانيّ (١)، وقال: باجة بين إشبيلية وشنترين من الأندلس.

وذكر ابن عساكر في تاريخه (٢): أنّ أبا الوليد قال: كان أبي من باجة القيروان تاجرًا، كان يختلف إلى الأندلس. وهذا أصحّ (٣).

١١٩ - العبّاس بن محمد بن عبد الواحد بن العبّاس، أبو الفضل الرّارانيّ.


(١) في "الباجي" من الأنساب.
(٢) تاريخ دمشق ٢٢/ ٢٢٦.
(٣) وتنظر الصلة البشكوالية (٤٥٣).