الشيخ، فطلب من سعى في ذلك، فاختفى البعض وتشفع البعض وضرب المنادي ومن معه بالكوافيين وجلس الشيخ على عادته يوم الجمعة وتكلم على قوله:(وإنك لعلى خلق عظيم). ثم حضر من الغد عند قاضي القضاة إمام الدين، رحمه الله وحضر جماعة يسيرة وبحثوا مع الشيخ في الحموية وحاققوه على ألفاظ فيها. وطال البحث وقرئ جميعها وبقوا من أوائل النهار إلى نحو ثلث الليل ورضوا بما فيها في الظاهر ولم يقع إنكار، بحيث انفصل المجلس والقاضي رحمه الله يقول: كل من تكلم في الشيخ فأنا خصمه.
وقال أخوه القاضي جلال الدين: كل من تكلم في ابن تيمية بعد هذا نعزره. حدثني بذلك الثقة. لكن جلال الدين أنكر هذا فيما بعد ونسي فيما أظن. والذين سعوا في الشيخ ما أبقوا ممكنًا من القذف والسب ورميه بالتجسيم. وكان قد لحقهم حسد للشيخ وتألموا منه بسبب ما هو المعهود من تغليظه وفظاظته وفجاجة عبارته وتوبيخه الأليم المبكي المنكي المثير النفوس ولو سلم من ذلك لكان أنفع للمخالفين، لا سيما عبارته في هذه الفتيا الحموية. وكان غضبه فيها لله ولرسوله باجتهاده، فانتفع بها أناس وانقصم بها آخرون ولم يحملوها. واتفق أن قبل هذا بأيام أنكر أمر المنجمين ومشى إلى نائب نائب السلطنة سيف الدين جاغان، فامتثل أمره وأصغى إلى قوله واحترمه وطلب منه كثرة الاجتماع به، فشرقوا لذلك وفعلوا الذي فعلوا واعتضدوا بشيخ دار الحديث.
وبعث جاغان في الحال جاندارية فضربوا المنادي وجماعة كانوا معه من أذناب الفقهاء. واحتمى صدر الدين ابن الوكيل ببدر الدين الأتابكي واستجار به واختفى الأمين سالم وغيره وفرغت الفتنة ورأى قاضي القضاة إخمادها وتسكينها.
وفيها سار غازان إلى بغداد وجهز عسكرًا إلى البطائح، فأوقعوا بحرامية الأعراب بالبطائح وقتلوا فيهم خلقًا. وأحسن إلى الرعية. وأمر بتصفية النقدين وتهدد في ذلك.
واشتد القحط بشيراز.
قصة قبجق وألبكي والسلحدار وذهابهم إلى التتار
كان هؤلاء وغيرهم قد توحشت خواطرهم وخافوا على أنفسهم مما وقع