للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحو ذلك مما بَيَّناهُ سابقًا. ثم إنَّ شعورَ المؤرخين فيما بعد بعدم وجود هذه العلاقة جعلهم في وضع يبدو أكثر حرية في دراسة أيِّ قسم منهما على انفراد (١)، أو الانتقاء منه (٢)، كما شعر النُّساخ دائمًا بحرية كبيرة في تجميع كل قسم على حدة (٣).

ثالثًا: تنظيم الحوادث وأساليب عرضها:

إن قلة المادة التاريخية التي قدمها الذهبيُّ في الحوادث قياسًا بالمادة الضخمة التي قدمها في التراجم تجعلُ من العسير علينا أنْ نميز له منهجًا خاصًّا في هذا المجال خالف فيه غيره من كُتَّابِ الحوليات الذين سبقوه. وقد لاحظنا تذبذبًا في طريقته بين مدة وأخرى في أَساليب العرض وفي كمية المعلومات التي يقدمها ونوعيتها.

ففي القسم الخاص بالمغازي (١ - ١١ هـ) وجدنا نوعًا من التنظيم الذي يمتاز بالوضوح حيث تناول الحوادث سنة سنة، ورتب السنة الواحدة حسب تسلسل شهورها ابتداء بالمحرم وانتهاء بذي الحجة منها. ومع أننا نجد محاولةً للسيرِ على تسلسلٍ زمني في ذكر الحوادث ضمن السنة الواحدة في القسم الخاص بالخلفاء الراشدين، إلا أن ذلك لم يكن واضحًا كُلَّ الوضوح. وفي كثير من أحداث هذه السنين (١ - ٤٠ هـ) ذكر الذهبيُّ بعض وفيات المشهورين باعتبارها من الأحداث المهمة التي وقعت في تلك السنة، فمنهجه في هذه


(١) لقد استطاع الصلاح الصفدي مثلًا أن يقرأ على الذهبي القسم الخاص بالحوادث من تاريخ الإسلام فقط (انظر الوافي، ج ٢ ص ١٦٣ ونكت الهميان ص ٢٤٢ وارجع إلى كلامنا على وصف نسخة المؤلف).
(٢) من ذلك مثلًا أن شمس الدين السخاوي تمكن من تجريد تراجم الكتاب وترتيبها على حروف المعجم (انظر الإعلان، ص ٥٨٩) ووجدنا خطه على نسخة المؤلف بالإشارة إلى ذلك (راجع المقدمة عند الكلام على نسخة المؤلف).
(٣) من ذلك مثلًا أن صاحب النسخة المحفوظة في المكتبة الأحمدية بحلب برقم ١٢٢٠ استطاع أن يجمع الحوادث التي أرخت المدة ٣٠١ - ٥٠٠ هـ في مجلد واحد كما استطاع صاحب النسخة المحفوظة في مكتبة أحمد الثالث برقم ٢٩١٧/ ١٥ أن يجمع الحوادث التي أرخت الفترة ٣٥١ - ٦٧٠ هـ في مجلد واحد أيضًا. وقد جربنا وجود الكثير من النسخ التي وصلت إلينا وهي تحتوي على مجلدات كاملة لم تذكر فيها غير التراجم.

<<  <  ج: ص:  >  >>