للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها كان الحرب شديدا بينهم وبين الأعراب القرامطة الذين ملكوا الشام، وحاصروا المعز بمصر مدة، ثم ترحلوا شبه منهزمين ودخلوا إلى بلاد الحسا والقطيف.

وقدم إلى الشام نائب المعز.

[سنة أربع وستين وثلاثمائة]

في المحرم أوقع العيارون حريقا بالخشابين مبدؤه من باب الشعير، فاحترق أكثر هذا السوق، وهلك شيء كثير، واستفحل أمر العيارين ببغداد حتى ركبوا الخيل وتلقبوا بالقواد، وغلبوا على الأمور وأخذوا الخفارة من الأسواق والدروب، وكان فيهم أسود الزبد كان يأوي قنطرة الزبد ويشحذ وهو عريان، فلما كثر الفساد رأى هذا الأسود من هو أضعف منه قد أخذ السيف، فطلب الأسود سيفا ونهب وأغار، وحف به طائفة وتقوى، وأخذ الأموال، واشترى جارية بألف دينار، ثم راودها فتمنعت، فقال: ما تكرهين مني؟ قالت: أكرهك كلك، قال: ما تحبين؟ قالت: تبيعني. قال: أو خيرا من ذلك، فحملها إلى القاضي وأعتقها، ووهبها ألف دينار، فعجب الناس من سماحته، ثم خرج إلى الشام فهلك هناك.

وقطعت خطبة الطائع لله ببغداد وغيرها من يوم العشرين من جمادى الأولى، إلى أن أعيدت في عاشر رجب، فلم يخطب في هذه الجمع لإمام، وذلك لأجل شغب وقع بينه وبين عضد الدولة.

وكان عضد الدولة قد قدم العراق فأعجبه ملكها، فعمل عليها، واستمال الجند، فشغبوا على عز الدولة، فأغلق بابه، وكتب عضد الدولة عن الطائع في الآفاق باستقرار الأمر لعضد الدولة، وخلع عضد الدولة على محمد بن بقية وزير عز الدولة، ثم اضطربت الأمور على عضد الدولة ولم يبق بيده غير بغداد، فنفذ إلى والده ركن الدولة يعلمه أنه قد خاطر بنفسه وجنده، وقد هذب مملكة العراق واستعاد الطائع إلى داره، وأن عز الدولة عاص لا يقيم دولة، فلما بلغه ذلك غضب، وقال للرسول: قل له: خرجت في نصرة أحمد ابن أخي أو في الطمع في مملكته؟ فأفرج عضد الدولة عن

<<  <  ج: ص:  >  >>