للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مفهوم الاستيعاب]

على أن الاستيعاب كان في الكتب الجيدة عمومًا، إذ لا ريب أن الذهبي أهمل الكثير من الكتب الرديئة نحو قوله في ترجمة الحجاج بن يوسف الثقفي: "وعندي مجلد في أخبار الحجاج فيه عجائب لكن لا أعرف صحتها" (١). والواقع أننا لا نعرف كثيرًا عن مثل هذه "الكتب غير الجيدة" لعدا اهتمام المؤرخين بالنقل عنها أو ذكرها. ومع ذلك فإننا نلاحظ الذهبي وهو ينقل عن كتب أو مؤلفين لم يرض عنهم تماما، فقد وصف سبط ابن الجوزي - مثلًا - بالمجازفة في غير موضع من كتابه (٢)، وقال عن معجم شيوخ شهاب الدين القوصي المتوفى سنة ٦٥٣ هـ: "وخرج لنفسه معجمًا هائلًا في أربعة مجلدات ضخام ما قصر فيه وفيه غلط كثير مع ذلك وأوهام وعجائب" (٣) مع أنه نقل عنها كثيرًا. وقد تمكن الذهبي من استيعاب مثل هذه المؤلفات في توجيه النقد إليها كلما شعر بخطئها والتنبيه على ذلك (٤).

[الغاية من الاستيعاب]

وكانت غاية الذهبي الرئيسة من استيعاب كل هذه الموارد الضخمة تقديم خبر أو ترجمة متكاملة لا تعتمد موردًا واحدًا أو موردين مما قد يؤدي به إلى الوقوع في الخطأ، فضلًا عن أن هذا الاستيعاب يقدم له مادة دسمه للمقارنة


= بخطه بعد الانتهاء من تأليف الكتاب ووضعها في نسخته مما يدل على أنه لابد أن يكون قد استعملها قبل ذلك.
(١) ٢/ ١٠٧٩.
(٢) الورقة ٢٣١ (أيا صوفيا ٣٠١١)، والورقة ٩٩، ٢٥٨ (أيا صوفيا ٣٠١٢)، واعتمده بشكل كبير في الحوادث والتراجم انظر مثلًا: الورقة ٢٢٥، ٢٢٧، ٢٢٨، ٢٢٩، ٢٣١، ٢٣٣، ٢٣٤، ٢٣٦، ٢٣٩ … إلخ (آيا صوفيا ٣٠١١)، وانظر مقدمة كتاب تاريخ الإسلام ١/ ٩.
(٣) الورقة ١٢٤ (أيا صوفيا ٣٠١٣)، واعتمده كثيرًا انظر مثلًا الورقة ٧، ٨، ٩، ١٤، ٢٠، ٢٥، ٤٢، ٥٨، ٦٠، ٦٢، ٧٤، ٧٧، ٧٨، ٩٥، ٩٧، ١٠٥، ١١٣، ١١٤، ١١٩ .. إلخ (أيا صوفيا ٣٠١١).
(٤) انظر أدناه كلامنا على "النقد".

<<  <  ج: ص:  >  >>