المادرائي مرةً على ألف ألف دينار، وأقام معتقلاً خمس سنين بالرملة حتى توفي أبو الفتح، فراسله الإخشيد بالمسير إليه وبإطلاقه، فقدم فأظهر إكرامه ولم يزل عارفاً بحقوقه إلى أن توفي وصلى عليه بالمصلى أبو القاسم ابن الإخشيد ونائب المملكة كافور، ودفن بداره. قال ذلك المسبحي.
وقال: يقال: إن ديوان أبي بكر محمد بن علي أطبق على ستين ألفاً ممن يجري عليهم الرزق. وكان له بمصر ممن يجري عليهم الدقيق في كل شهر مائة ألف رطل على ما حكاه الحسن بن إسماعيل الضراب عن بعض الطحانين.
قال: وأطبق ديوانه على مائة ألف عبد أعتقهم في طول عمره. وكان له من المعروف وعمارة المساجد ما لا يوقف عليه كثرة. ولد بنصيبين، ونشأ بالعراق، وقدم مصر شاباً على والده هو وأخوه أبو الطيب أحمد. ولم يكن لأبي بكر بلاغة الكتاب المنشئين، ولا مبالغة في النحو، لكنه كان ذكياً صاحب بديهة. ولي الخراج استقلالاً، وله ثلاثٌ وعشرون سنة. وقد وزر أبوه أيضاً لأبي الجيش خمارويه، فلما قتل أبو الجيش وأُجلس في مكانه ابنه هارون بن أبي الجيش استوزر أبا بكر. فلما قتل هارون قدم محمد بن سليمان الكاتب مصر من قبل المكتفي، فأزال دولة الطولونية وخرب ديارهم، وحمل أبا بكر إلى بغداد. ثم إنه وافى مصر مع مؤنس والعساكر في نوبة حباسة، وأمر أبو بكر ونهى ودبر البلد.
وكان أبو بكر على ما قيل يختم كل يوم وليلة ختمة في المصحف، وقد ملك بمصر من القرى الكبار ما لم يملكه أحد قبله حتى بلغ ارتفاع أملاكه في كل سنة أربع مائة ألف دينار، سوى الخراج. وكان يقال: إنه أنفق في كل حجة حجها مائة ألف دينار.
ذكر هذا كله المسبحي، وذكر عدة قصائد مليحة، مما رثاه بها الشعراء.