١٧٤ - عبد الوهّاب بن أحمد بن جلبة، الفقيه أبو الفتح الخزّاز البغداديّ ثمّ الحّرانيّ، الحنبليّ، مفتي حرّان وعالمها.
تفقّه على القاضي أبي يعلى ولازمه، وكتب عنه تصانيفه، وسمع من أبي بكر البرقانيّ، وأبي عليّ بن شاذان، وأبي عليّ الحسن بن شهاب العكبريّ.
سمع منه هبة الله الشّيرازيّ، ومكّيّ الرُّميليّ، والرَّحّالة بحرّان. وقتل شهيدًا مظلومًا.
قال أبو الحسين ابن القاضي أبي يعلى: ولي أبو الفتح بن جلبة قضاء حرّان من قبل الوالد، وكتب له سجلًا. وكان ناشرًا للمذهب، داعيًا إليه في تلك الدّيار. وكان مفتيها وواعظها وخطيبها وقاضيها. قتل على يد ابن قريش العقيليّ في سنة ستًّ وسبعين، عند اضطراب أهل حرّان على ابن قريش، لما أظهر سبَّ السَّلف رضي الله عنهم.
قلت: جاء في حديث ماكسين من أربعي السِّلفيّ: وقال السِّلفيّ: أخبرنا أحمد بن محمد بن حامد الحّرانيّ، قاضي ماكسين، قال: أخبرنا عبد الوهّاب، فذكر حديثًا.
١٧٥ - عتيق، أبو بكر المغربيّ الواعظ المعروف بالبكريّ.
كان من غلاة الأشاعرة ودعاتهم. هاجر إلى باب نظام الملك، فنفق عليه. وكتب له كتابًا بأن يجلس بجوامع بغداد. فقدم وجلس للوعظ، وذكر ما يلطخ به الحنابلة من التّجسيم، وهاجت الفتن ببغداد، وكفَّر بعضهم بعضًا. ولمّا همَّ بالجلوس بجامع المنصور، قال نقيب النُّقباء: اصبروا لي حتّى أنقل أهلي من هذه النّاحية، لأنّي أعلم أنه لا بد من قتلٍ ونهبٍ يكون.
ثمّ إنّ أبواب الجامع أغلقت سوى بابٍ واحد، فصعد البكريّ على المنبر، والأتراك بالقسيّ والنّشّاب حوله، كأنّه حرب - فنعوذ بالله من الفتن، ما ظهر منها وما بطن - ولقّبوه بعلم السُّنّة، وأعطوه ذهبًا وثيابًا، فتعرَّض لأصحابه قومٌ من الحنابلة، فكبست دور بني القاضي أبي يعلى، وأخذت كتبهم، ووجد فيها كتاب الصّفات. فكان يقرأ بين يدي البكريّ وهو على منبر الوعظ، وهو يشنّع