للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال قطب الدّين: وشكوا إليه التّفّاح وأمر الدُّودة، وسألوه كتابة حِرْزٍ، فأعطاهم ورقة فشمّعوها وعلّقوها على شجرة، فزالت الدُّودة عن الوادي بأسره، وأخصبت أشجار التّفّاح بعد يبسها وحملت. وبقوا على ذلك سنين في حياة الشّيخ وبعد موته. ثمّ خشوا من ضياع الحِرْز ففتحوه لينسخوه، فوجدوه قطعة من كتاب ورد على الشّيخ من حماة، فندِموا على فتحه، ثمّ شمّعوه وعلّقوه فما نفع، وركبت الدُّودةُ الأشجار.

قال: وأراد بعض الناس بناء حمّام بُيونين وحصل الاهتمام بذلك، فقال الشّيخ: هذا لا تفعلوه. فما وسِعَهم خلافُه، فلمّا خرجوا قال بعضهم: كيف نعمل بالآلات؟ فقال رفيقه: نصبر حتى يموت الشّيخ. فطلبهما إليه وقال: قلتم كذا وكذا، وهذا ما يصير وما يعّمر في هذه القرية حمّام، وقد أراد نائبا الشّام التُّجِيبيّ وعزّ الدّين أيْدُمُر بناء حمّام بيُونين فلم يقَّدر لهما.

وقال خطيب زمْلَكا في ترجمة الشّيخ عيسى: سمعت شيخنا شمس الدّين عبد الرحمن بن أبي عمر يقول: كان الشّيخ عيسى صاحب مطالعة في الكُتُب. قال: وحدّثني الشيخ ناصر بن أحمد قال: ما رأيت رجلا أكثر هيبة من الشيخ عيسى ولا قريبا منه. قال: وحدثني عبد الرحمن بن إسماعيل قال: كان الشّيخ عيسى يكون فطره على خبزٍ يابس، وما عاب طعاماً، وما لبس طول عُمره سوى ثوبٍ وعباءةٍ وقَلَنسُوةٍ ما زاد عليها، وورد إلى زيارته الباذرائي فخرج إليه وصافحه، ودخل وأغلق الباب، فنادى فلم يردّ عليه، فقال: ما رأيت شيخاً مثل هذا، أو قال: هذا هو الشّيخ.

وأخبرني الشّيخ إسرائيل بن إبراهيم قال: كنت أخدم الشّيخ عبد الله بن عبد العزيز في يُونين، وكان المشايخ والفقراء يزورونه من كلّ مكان، والشّيخ عيسى ما يجيء إليه أحد، فخطر ببالي هذا، فبينا أنا عند الشّيخ عبد الله وما عندنا أحد وقد خطر لي هذا إذ أخذ بأُذُني وقال: يا إسرائيل تأدَّب، الشّيخ عيسى قد حصل له الحقّ أيش يعمل بي أنا؟! قال: فبادرت وطلعتُ إلى الشّيخ

<<  <  ج: ص:  >  >>