للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنة تسع عشرة وستمائة.

قال أبو شامة: فيها ظهر بالشام جراد عظيم أكل الزرع والشجر، فأظهر الملك المعظم أن ببلاد العجم طيراً يقال له السمرمر يأكل الجراد، فأرسل الصدر البكري المُحتسب، ورتب معه صوفية، وقال: تمضي إلى العجم فهناك عين يجتمع عليها السمرمر، فتأخذ من مائها في قوارير، وتعلقها على رؤوس الرماح، فإذا رآها السمرمر تبعك. وما كان مقصوده إلا أن بعثه إلى السلطان جلال الدين ابن علاء الدين ليتفق معه، وذلك لما بلغه اتفاق أخويه بمصر عليه. فسار البكري واجتمع بجلال الدين، وقرر معه الأمور بأذربيجان، وجعله سنداً له. فلما عاد ولاه مشيخة الشيوخ مع حسبة دمشق.

وفيها حج خلق كثير لكونها وقفة الجمعة، وازدحم الناس بمكة حتى مات جماعة؛ قال ابن بنت الجوزي: وحج من اليمن صاحبها الملك المسعود ابن الكامل في عسكر عظيم، ومنع علم الناصر لدين الله أن يصعد الجبل، وأصعد علم أبيه، ولبس السلاح وقال لجنده: إن أصعدوا علم الخليفة فاكسروه، وانهبوا البغاددة. ويقال: إنه أذن في العلم في آخر شيء، وبدا منه جبروتٌ عظيم.

حكى لي شيخنا جمال الدين الحصيري، قال: رأيته وقد صعد على قُبة زمزم وهو يرمي حمام مكة بالبندق، ورأيتُ غلمانه يضربون الناس بالسيوف في أرجلهم في المسعى ويقولون: اسعوا قليلاً قليلاً، فإن السلطان نائم سكران في دار السلطنة التي في المسعى، والدم يجري على ساقات الناس!

قال أبو شامة: استولى المسعود على مكة وبنى القبة على مقام إبراهيم، وكثر الجلب إلى مكة في أيامه، ولعظم هيبته قلت الأشرار، وأمنت الطرق.

قال: وفيها نقل تابوت العادل إلى تربته، فأحضر إلى صحن الجامع وصلى عليه الخطيب الدولعي، وألقى الدرس بمدرسته القاضي جمال الدين المصري، وحضر السلطان الملك المعظم، وبحث، وجلس المدرس عن يسار السلطان، وعن يمينه شيخ الحنفية جمال الدين الحصيري، ويليه فخر

<<  <  ج: ص:  >  >>