متعفِّف، نزِهُ النّفس، قليل المخالطة، حافظٌ لأوقاته، طيّب الأخلاق، كريم، متودّد. ما رأيت في فنّه مثلَه. أنشدنا لنفسه:
من كان يرغب في النّجاة فما له غير اتّباع المصطفَى فيما أتى ذاك السّبيل المستقيم وغيره سُبُل الضّلالة والغواية والرّدى فاتّبع كتابَ الله والسُّنن التّي صحَّت فذاك إذا اتّبعت هو الهُدى ودَعِ السّؤال بِلم وكيف فإنّه باب يجُرّ ذوي البصيرةِ للعمى الدّين ما قال الرَسول وصَحْبُهُ والتّابعون ومن مناهجهم قفا وقال عمر ابن الحاجب: سألت الحافظَ ابن عبد الواحد عن المُرَسي فقال: فقيهٌ، مناظِر نحْوي، من أهل السنّة، صحِبنا في الرّحلة، وما رأينا منه إلاّ خيراً.
وقال أبو شامة: كان متفنناً، محقّق البحْث، كثير الحجّ، مقتصداً في أموره، كثيرالكتب، مُعْتنياً بالتّفتيش عنها محصّلاً لها. وكان قد أعطِي قبولاً في البلاد.
وقال الشّريف: توفّي في ربيع الأوّل في منتصفه بعريش مصر فيما بينه وبين الزَّعقَة وهو متوجّهٌ إلى دمشق، ودُفن ليومه بتلّ الزَّعْقة. وكان من أعيان العلماء وأئمّة الفُضلاء، ذا معارف متعدّدة، بارعاً في عِلم العربيّة وتفسير القرآن، وله مصنَّفات مفيدة، ونظْمٌ حسن. وهو مع ذلك متزهِّد، تارك للرّياسة، حَسَن الطريقة، قليل المخالطة للنّاس.
تأخّر من أصحابه أيّوب الكحّال ويوسف الخَتَني. وخلف كُتُباً عظيمة.
قرأت بخطّ العلاء الكِنْدي: إنّ كُتُب المُرْسي كانت مودَعَةً بدمشق، فرسم السّلطان ببيْعها، فكانوا في كلّ ثلاثاء يحملون منها جملةً إلى دار السّعادة لأجل الباذرائي، ويحضر العُلماء، فاشترى الباذرائي منها جملةً كثيرة، وبيعت في نحوٍ من سنة. وكان فيها نفائس، وأحرزت كُتُبُه ثمناً عظيماً، وصنَّف تفسيراً كبيراً لم يُتمّه.