عضد الدين محمد ابن رئيس الرؤساء. فنفّذ للقبض عليه عزّ الدولة مسعود الشرابي في جماعة من المماليك، فحمل مسحوبًا إلى بين يديه، فأمرهم أن يرفقوا به، وقيّد وسجن.
وفي صفر وصل أمير الحاج، وفي صحبته صاحب المدينة عز الدين أبو سالم القاسم بن مهنّا للمبايعة.
وفيها توجّه السلطان صلاح الدين قاصدًا بلاد الأرمن وبلاد الروم ليحارب قليج رسلان بن مسعود بن قليج رسلان. والموجب لذلك أن قليج زوّج بنته لمحمد بن قرا رسلان بن داود صاحب حصن كيفا، ومكثت عنده حينًا. وأنه أحب مغنية وشغف بها، فتزوجها، وصارت تحكم في بلاده. فلما سمع بذلك حموه قصد بلاده عازمًا على أخذ ابنته منه، فأرسل محمد إلى صلاح الدين يستنجد به، وكرر إليه الرسل. ثم استقر الحال على أن يصبروا عليه سنة، ويفارق المغنية.
ونزل صلاح الدين على حصن من بلاد الأرمن فأخذه وهده. ثم رجع إلى حمص فأتاه التقليد والخلع من الخليفة الناصر، فركب بها بحمص، وكان يومًا مشهودًا.
ومن كتاب السلطان صلاح الدين إلى الخليفة: والخادم ولله الحمد يعدد سوابق في الإسلام والدولة العباسية لا يعدها أوليّة أبي مسلم؛ لأنه والى ثم وارى، ولا آخرية طغرلبك؛ لأنه نصر ثم حجر. والخادم خلع من كان ينازع الخلافة رداءها، وأساغ الغصة التي ذخر الله للإساغة في سيفه ماءها، فرجل الأسماء الكاذبة الراكبة على المنابر، وأعز بتأييد إبراهيمي، فكسر الأصنام الباطنة بسيفه الظاهر.
وقال العماد الكاتب: توجه السلطان إلى الإسكندرية، وشاهد الأسوار التي جددها، وقال: نغتنم حياة الإمام أبي طاهر بن عون. فحضرنا عنده وسمعنا عليه الموطأ. وكتب إليه القاضي الفاضل يهنيه ويقول: أدام الله دولة الملك الناصر سلطان الإسلام والمسلمين، محيي دولة أمير المؤمنين، وأسعده