ولي الخلافة بعد قتل ابن أخيه المستعصم بالله ابن المستنصر بالله منصور بثلاث سنين، فخلا الوقت فيها من خليفة.
قال الإمام أبو شامة: في رجب قرئ بالعادليّة كتاب السلطان إلى قاضي القضاة نجم الدّين ابن سني الدولة بأنه قدم عليهم مصر أبو القاسم أحمد ابن الظاهر ابن الناصر، وهو أخو المستنصر بالله، وأنه جمع له الناس من الأمراء والعلماء والتجار، وأثبت نسبه عند قاضي القضاة في ذلك المجلس، فلما ثبت بايعه الناس، وبدأ بالبيعة السلطان الملك الظاهر، ثم الكبار على مراتبهم، ونقش اسمه على السكة، وخطب له ولقب بلقب أخيه، وفرح الناس.
وقال الشيخ قطب الدّين: كان المستنصر أبو القاسم محبوسا ببغداد، فلما أخذت التّتار بغداد أُطلق، فصار إلى عرب العراق، واختلط بهم، فلما تسلطن الملك الظاهر وفد عليه في رجب ومعه عشرةٌ من بني مهارش، فركب السلطان للقائه ومعه القضاة والدولة، فشق القاهرة، ثم أثبت نسبه على الحاكم، وبويع بالخلافة، وركب يوم الجمعة من البرج الذي كان بالقلعة، وعليه السواد إلى جامع القلعة، فصعد المنبر، وخطب خطبة ذكر فيها شرف بني العباس، ودعا فيها للسلطان وللمسلمين، ثم صلى بالناس.
قال: وفي شعبان رسم بعمل خلعة خليفتية للسلطان، وبكتابة تقليدٍ له.
ثم نصبت خيمة بظاهر القاهرة، وركب المستنصر بالله والسلطان يوم الاثنين رابع شعبان إلى الخيمة، وحضر القضاة والأمراء والوزير، فألبس الخليفة السلطان الخلعة بيده، وطوقه وقيده، ونصب منبرٌ فصعد عليه فخر الدّين ابن لقمان، فقرأ التقليد، وهو من إنشاء ابن لقمان، ثم ركب السلطان بالخلعة، ودخل من باب النصر، وزُينت القاهرة، وحمل الصاحب التقليد على رأسه راكبا، والأمراء مشاة، وهذا هو الثامن والثلاثون من خلفاء بني العباس، وكانت بيعته بقلعة الجبل، في ثالث عشر رجب.
قال: وأول من بايعه قاضي القضاة تاج الدّين، ثم السلطان، ثم الشيخ