للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبقي نوابهُ يحكمون بين الناس: ابن الشيرازي، وابن سني الدولة، وشرف الدّين ابن الموصلي الحنفي، كان يحكم بالطرخانية بجيرون، ثم بعد مدّة أضيف إليهم الجمال المصري.

وقال أبو المظفر: كانت واقعة قبيحة، ولقد قلتُ له يوماً: ما فعلتَ هذا إلا بصاحب الشرع؟ ولقد وجب عليك دية القاضي، فقال: هو أحوجني إلى هذا، ولقد ندمتُ. واتفق أنّ المُعظم بعثَ إلى الشرف ابن عُنين - حين تزهد - خمراً ونرداً، وقال: سبح بهذا! فكتبت إليه:

يا أيها الملكُ المُعظمُ، سُنّةً أحدثتها تبقى على الآباد تجري المُلوكُ على طريقك بعدها خَلع القُضاة وتُحفةُ الزهاد.

[سنة سبع عشرة وستمائة]

فيها قصد مظفر الدين صاحب إربل الموصل، فخرج إليه بدر الدين لؤلؤ، فكسره مظفر الدين، وأفلت لؤلؤ وحده، ونازل مظفرُ الدين الموصل، فجاء الملك الأشرفُ من حران نجدةً للؤلؤ، ثم وقع الصلح.

وفيها كانت فتنة ابن المشطوب، لما كان المعظم بديار مصر عام أول، بلغه أن الملك الفائز أخاه قد اتفق مع الأمير عماد الدين ابن المشطوب أحد الأمراء الكبار على أخيه الكامل، وقد استحلف للفائز العساكر. فعرف الكاملُ فرحل إلى أشموم، وهم بالتوجه إلى اليمن، ويئس من البلاد، فقال له المُعظم: لا بأس عليك، وركب وجاء إلى خيمة ابن المشطوب، فخرج إلى خدمته بغير خف، وركب معه، فسير معه، فأبعد به، وقال: أخي الأشرف قد طلبك فسر إليه مسرعاً. فقال: ما معي غلماني ولا قماشي، فوكل به جماعة، وقال: هؤلاء في خدمتك. وأعطاه نفقة خمسمائة دينار، وقال: كل شيء تريد يلحقك في الحال. فسار، وجهز المعظم جميع أحواله خلفه، ثم رجع إلى مخيمه، فجاء الكامل إليه وقبل الأرض بين يديه.

وأما الفائز فخاف خوفاً عظيماً، واجتاز ابن المشطوب على دمشق وحماة، وعدى الفرات إلى الأشرف فتلقاه وأكرمه، فصار يركب بالشبابة،

<<  <  ج: ص:  >  >>