للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم من ذكر هذه الملحمة في سنة أربعٍ كما يأتي، وانفرجت الكربة وجاء من نصر الله تعالى ما لم يخطر ببال، وأمن الناس، وخرجوا إلى ضياعهم، وتبدلوا بالأمن بعد الخوف.

وفيها قتل من كان يرمى بمذهب الباطنية بدمشق، وكان عددهم ستة آلاف، وكان قد قتل ببغداد من مديدة إبراهيم الأسداباذي، وهرب ابن أخيه بهرام إلى الشام وأضل خلقا بها واستغواهم، ثم إن طغتكين ولاه بانياس، فكانت هذه من سيئات طغتكين، عفا الله عنه، وأقام بهرام له بدمشق خليفة يدعو إلى مذهبه، فكثر بدمشق أتباعه، وملك بهرام عدة حصون من الجبال منها القدموس، وكان بوادي التيم طوائف من الدرزية والنصيرية والمجوس، واسم كبيرهم الضحاك، فسار إليهم بهرام وحاربهم، فكبس الضحاك عسكر بهرام، وقتل طائفة منهم، ورجعوا إلى بانياس بأسوأ حال، وكان المزدقاني وزير دمشق يعينهم ويقويهم، وأقام بدمشق أبا الوفاء، فكثر أتباعه وقويت شوكته، وصار حكمه في دمشق مثل حكم طغتكين، ثم إن المزدقاني راسل الفرنج، لعنهم الله، ليسلم إليهم دمشق، ويسلموا إليه صور، وتواعدوا إلى يوم جمعة، وقرر المزدقاني مع الباطنية أن يحتاطوا ذلك اليوم بأبواب الجامع، لا يمكنون أحدًا من الخروج، ليجيء الفرنج ويملك دمشق، فبلغ ذلك تاج الملوك بوري، فطلب المزدقاني وطمنه، وقتله وعلق رأسه على باب القلعة، وبذل السيف في الباطنية، فقتل منهم ستة آلاف، وكان ذلك فتحًا عظيمًا في الإسلام في يوم الجمعة نصف رمضان، فخاف الذين ببانياس وذلوا، وسلموا بانياس إلى الفرنج، وصاروا معهم، وقاسوا ذلًا وهوانًا.

وجاءت الفرنج ونازلت دمشق، فجاء إلى بغداد في النفير عبد الوهاب الواعظ ابن الحنبلي، ومعه جماعة من التجار، وهموا بكسر المنبر، فوعدوا بأن ينفذ إلى السلطان في ذلك، وتناخى عسكر دمشق والعرب والتركمان، فكبسوا الفرنج، وثبت الفريقان، ونصر الله دينه، وقتل من الفرنج خلق، وأسر منهم ثلاثمائة، وراحوا بشر خيبة، ولله الحمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>