عملت الرافضة بوم عاشوراء بالنوح وتعليق المسوح، وعيدوا يوم الغدير، وبالغوا في الفرح.
ولم يحج أحد من الشام ومصر.
وفيها مات ناصر الدولة، وقتل أبو فراس الحارث بن سعيد بن حمدان، وكان قد طمع في تملّك الشام، وجاء إليه خلق من غلمان سيف الدولة، وأطمعوه، فصادر أهل حمص وغيرهم، وقتل قاضيهم أبا عمّار، وأخذ من داره ستمائة ألف درهم، فلما أحسّ بأنّ أبا المعالي ابن سيف الدولة يقصده سار فنزل على بني كلاب، وخلع عليهم وأعطاهم الأموال، ونفّذ حرمه معهم إلى البرّيّة، ثم سار أبو المعالي وقرغوية الحاجب إلى سلمية، فاستأمن إلى أبي المعالي جماعة من بني عقيل، وتأخّر أبو فراس، وقال: قد أخليت لهم البلد، ثم سار قرغوية وأحاط به فقاتل أشدّ قتال، وما زال يقاتل وهم يتبعونه إلى ناحية جبل سنير، فتقنطر به فرسه بعد العصر، فقتلوه. وله شعر رائق في الذروة.
ومات الخادم كافور صاحب مصر وردّ أمرها إلى الملك أبي الفوارس حسين بن علي بن طغج الإخشيدي، فوقع الخلف بين الكافورية وبينه، وتحاربوا وعظم البلاء وقتل بينهم خلق، ثم هزمت الأخشيدية الكافورية وطردوهم عن مصر، فصاروا إلى الرملة وفيهم ابن محمد بن رائق، وأبو منخل، وفنّك، وفاتك الهندي، فقدموا على صاحب الرملة الحسن بن عبيد الله بن طغج، فلم يقبل عليهم، وقال: لا أحارب ابن عمي، ثم ضاق بنفقاتهم، فتوجّهوا إلى دمشق ومتولّيها فاتك الإخشيدي، فتمّ بينهم قتال وبلاء.
وفي ذي القعدة أقبل عظيم الروم تقفور بجيوشه إلى الشام، فخرج من الدّرب ونازل أنطاكية، فلم يلتفتوا عليه، فهدّدهم وقال: أرحل وأخرّب الشام كلّه وأعود إليكم من الساحل. ورحل في اليوم الثالث ونازل معرّة مصرين، فأخذها وغدر بهم، وأسر منها أربعة آلاف ومائتي نسمة.
ثم نزل على معرّة النّعمان فأحرق جامعها، وكان الناس قد هربوا في كلّ وجه إلى الحصون والبراري والجبال المنيعة.
ثم سار إلى كفرطاب، وشيزر، ثم إلى حماة وحمص، فخرج من تبقّى بها، فأمّنهم ودخلها، فصلّى في البيعة، وأخذ منها رأس يحيى بن زكريا،