للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحابه حُفاة عراة. ثم وصل إليه مركبُ من بعض الجهات وفيه مأكول وملبوس، فوقع ذلك منه بموقع. فلما علم صاحب الجودي أن جلال الدين وصل إلى بلاده طلبهُ بالفارس والراجل، فبلغ ذلك جلال الدين، فعظُم عليه، لأن معه أصحابه مجرحين وضعفاء، فانجفل من مكانه، وأمر من معه من أصحابه أن كل جريح يقدر على الحركة فليصحبه، وإلا فليحز رأسه. وسار عازما على أن يقطع نهر السند ويختفي بمن معه في بعض الجبال والآجام، ويعيشوا من الغارات. واعتقد الهنود أنه وقومه من التتار، فتأخر جلال الدين بمن معه من الجبل، وتقدم ملك الهند بجمعه، فلما رأى جلال الدين حمل عليه ملك الهند بجيشه، وثبت له جلال الدين إلى أن قاربه، فاستوفى عليه بسهم في فؤاده فسقط قتيلاً وانهزم جيشه، وحاز جلال الدين الغنائم والأموال فعاش بذلك.

ثم رحل إلى سجستان، وأخذ ما له بها من الأحوال، وأنفق فيمن معه، وتماثل أمره.

وقال القاضي ابن واصل: كان جلال الدين بغزنة في ستين ألفاً، فقصده عسكر جنكزخان في اثني عشر ألفاً فكسرهم. فسير جنكزخان مع ابنه عسكراً، فوصل إلى كابل، فالتقى الجمعان فاقتتلوا قتالاً عظيماً فانهزمت التتار، وقتل خلق وأخذت أموالهم، ثم جرت فتنة لما يريده الله، وهو أن الأمير سيف الدين بغراق التركي كان شجاعاً مقداماً، وقع بينه وبين قرابة للسلطان أمير فتنة لأجل الغنيمة، فاقتتلوا فقتل أخو بغراق، فغضب، وقال: أنا أهزم الكفار ويُقتل أخي على السحت. وفارق العسكر وقصد الهند فتبعه شطر الجيش فلاطفه السلطان جلال الدين، وسار بنفسه إليه، وذكر الجهاد وخوفهُ من الله، وبكى بين يديه فلم يرجع، وسار مغاضباً. فوصل الخبر بوصول جنكزخان في جموعه، فتحيّر السطان وسار فوصل إلى ماء السند، وهو نهر كبير، فلم يجد من السفن ما يعبر فيه. وتبعه جنكزخان وألح في طلبه، فالتقى الجمعان واشتد الحربُ حتى قيل: إن ما مضى من الحروب كان لعباً بالنسبة إليه، ودام القتال ثلاثة أيام،

<<  <  ج: ص:  >  >>