فكتب بذلك إلى بغداد والنواحي، واجتمع بمن جاوره من الملوك، وأدخل بلاده القراء، والفقهاء، والمؤذنين، واستخدم في ركابه أهل قزوين. وذلك من العجائب.
وجاء رسوله ونائبه في صحبة رسول الخليفة إلى الملك الظاهر إلى حلب، بأن يقتل النائب الأول ويقيم هذا النائب له على قلاعهم التي بالشام. فأنفق عليهم الظاهر وأكرمهم، وخلصوا بإظهار الإسلام من يد خوارزم شاه.
رجعنا إلى أخبار سنان. كان أعرج لحجرٍ وقع عليه من الزلزلة الكائنة في دولة نور الدين. فاجتمع إليه محبوه، على ما ذكر الموفق عبد اللطيف، لكي يقتلوه. فقال لهم. ولم تقتلوني؟.
قالوا: لترجع إلينا صحيحًا، فإنا نكره أن يكون فينا أعرج.
فشكرهم ودعا لهم، وقال: اصبروا علي، فليس هذا وقته. ولاطفهم. ولما أراد أن يُحلهم من الإسلام، ويسقط عنهم التكاليف لأمرٍ جاءه من الألموت على عهد إلكيا محمد، نزل إلى مقثأةٍ في شهر رمضان، فأكل منها، فأكلوا معه، واستمر أمرهم على ذلك.
وأول قدوم سنان كان إلى حلب، فذكر سعد الدين عبد الكريم، رسول الإسماعيلية، قال: حكى سنان صاحب الدعوة قال: لما وردت الشام اجتزتُ بحلب، فصليت العصر بمشهد علي بظاهر باب الجنان، وثم شيخ مُسن، فسألته: من أين يكون الشيخ؟ قال: من صبيان حلب.
وقال الصاحب كمال الدين في تاريخ حلب: أخبرني شيخ أدرك سنانًا أن سنانًا كان من أهل البصرة، وكان يعلم الصبيان، وأنه مر وهو طالع إلى الحصون على حمارٍ حين ولاه إياها صاحب الألموت، فمر بإقميناس، فأراد أهلها أخذ حماره، فبعد جهد تركوه، وبلغ من أمره ما بلغ. وكان يُظهر لهم التنسك حتى انقادوا له، فأحضرهم يومًا وأوصاهم، وقال: عليكم بالصفاء بعضكم لبعض، ولا يمنعن أحدكم أخاه شيئًا هو له. فنزلوا إلى جبل السماق وقالوا: قد أمرنا بالصفاء، وأن لا يمنع أحدنا صاحبه شيئًا هو له. فأخذ هذا زوجة هذا، وهذا بنت هذا سِفاحًا، وسموا أنفسهم الصفاة. فاستدعاهم