حتى أسرع في الصلاة. فتألم الخليفة وغاظه ذلك، وطلب الشريف المرتضى، وأبا الحسن الزينبي وأمر بمكاتبة السلطان والوزير أبي علي بن ماكولا، وكان فيما كتب: إذا بلغ الأمير أطال الله بقاءه صاحب الجيش إلى الجرأة على الدين وسياسة الدولة والمملكة، ثبتها الله، من الرعاع والأوباش فلا صبر دون المبالغة بما توجبه الحِمية، وقد بلغه ما جرى في يوم الجمعة الماضية في مسجد براثا الذي يجمع الكفرة والزنادقة، ومن قد تبرأ الله منه فصار أشبه شيء بمسجد الضرار، وذلك أن خطيبا كان فيه يجري إلى ما لا يخرج به عند الزندقة والدعوى لعلي بن أبي طالب عليه السلام بما لو كان حيا لقد قابله، وقد فعل ذلك في الغُواة أمثال هؤلاء الغُثاء الذين يدعون لله ما تكاد السماوات يتفطرن منه. فإنه كان في بعض ما يورده هذا الخطيب - قبحه الله - يقول بعد الصلاة على الرسول: وعلى أخيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، مكلم الجمجمة، ومُحيي الأموات، البشري الإلهي، مكلم أصحاب الكهف، إلى غير ذلك من الغُلو، فأنفذ الخطيب أبو تمام، فأقام الخطبة، فجاءه الآجر كالمطر، فخُلع كتفه، وكسر كنفه، وأدمي وجهه، وأشيط بدمه، لولا أربعة من الأتراك فاجتهدوا وحموه وإلا كان هلك، وهذه هجمة على دين الله وفتك في شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والضرورة ماسة إلى الانتقام.
ونزل على الخطيب ثلاثون بالمشاعل، فانتهبوا داره وأغروا حريمه، فخاف الوزير والأمراء من فتنة تتولد، فلم يخطب أحد ببراثا في الجمعة الآتية.
وفي ذي الحجة قُلد قضاء القُضاة أبو عبد الله الحسين بن ماكولا.
ثم أقيمت الجمعة في جامع براثا بعد أشهر، واعتذر رؤساء الشيعة عن سُفهائهم إلى الخليفة، وعُملت للخطيب نسخة يعتمدها، وأعفاهم الخطيب من دق المنبر بعقب سيفه، فإن الشيعة تنكر ذلك، وهو منكر.
وفي ذي الحجة ورد أبو يعلى الموصلي وجم عة من العيارين كانوا بأوانا وعُكبرا، فقتلوا خمسة من الرجالة وأصحاب المصالح، وظهروا من الغد بالكرخ في أيديهم السيوف، وأظهروا أن كمال الدولة أبا سنان بعثهم لحفظ