قال عمرو: ظالما قتل أو مظلوما؟ قال أبو موسى: بل قتل مظلوما، قال عمرو: أفليس قد جعل الله لوليه سلطانا يطلب بدمه؟ قال أبو موسى: نعم، قال عمرو: فعلى قاتله القتل، قال: بلى. قال: أفليس لمعاوية أن يطلب بدمه حتى يعجز؟ قال: بلى، قال عمرو: فإنا نقيم البينة على أن عليا قتله.
قال أبو موسى: إنما اجتمعنا لله، فهلم إلى ما يصلح الله به أمر الأمة، قال: وما هو؟ قال: قد علمت أن أهل العراق لا يحبون معاوية أبدا، وأهل الشام لا يحبون عليا أبدا، فهلم نخلعهما معا، ونستخلف ابن عمر - وكان ابن عمر على بنت أبي موسى - قال عمرو: أيفعل ذلك عبد الله؟ قال: نعم إذا حمله الناس على ذلك. فصوبه عمرو وقال: فهل لك في سعد؟ وعدد له جماعة، وأبو موسى يأبى إلا ابن عمر، ثم قال: قم حتى نخلع صاحبينا جميعا، واذكر اسم من تستخلف، فقام أبو موسى وخطب وقال: إنا نظرنا في أمرنا، فرأينا أقرب ما نحقن به الدماء ونلم به الشعث خلعنا معاوية وعليا، فقد خلعتهما كما خلعت عمامتي هذه، واستخلفنا رجلا قد صحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنفسه، وله سابقة: عبد الله بن عمر، فأطراه ورغب الناس فيه.
ثم قام عمرو فقال: أيها الناس، إن أبا موسى قد خلع عليا، وهو أعلم به، وقد خلعته معه، وأثبت معاوية علي وعليكم، وإن أبا موسى كتب في هذه الصحيفة أن عثمان قتل مظلوما، وأن لوليه أن يطلب بدمه، فقام أبو موسى فقال: كذب عمرو، ولم نستخلف معاوية، ولكنا خلعنا معاوية وعليا معا.
قال المسعودي: ووجدت في رواية أنهما اتفقا وخلعا عليا ومعاوية، وجعلا الأمر شورى، فقام عمرو بعده، فوافقه على خلع علي، وعلى إثبات معاوية، فقال له: لا وفقك الله، غدرت. وقنع شريح بن هانئ الهمداني عمرا بالسوط. وانخذل أبو موسى، فلحق بمكة، ولم يعد إلى الكوفة، وحلف لا ينظر في وجه علي ما بقي. ولحق سعد بن أبي وقاص، وابن عمر ببيت المقدس فأحرما، وانصرف عمرو، فلم يأت معاوية، فأتاه وهيأ طعاما كثيرا، وجرى بينهما كلام كثير، وطلب الأطعمة، فأكل عبيد عمرو، ثم قاموا ليأكل عبيد معاوية، وأمر من أغلق الباب وقت أكل عبيده، فقال