في المحضر، فرجع بعضهم في الشهادة وشهد الباقون، فأخرق بهم وجرحهم، وتبين للخزندار تحامل شبيب فحبسه، واحتاط على موجوده، وأعيد الشيخ شمس الدّين إلى الحبس بالقلعة، فأقام بها سنتين إلى أن أفرج عنه في نصف شعبان من سنة اثنتين وسبعين، ولولا عناية الخزندار به ومحبته له لكان شيئاً آخر.
وأما السلطان فسار إلى الشام وشن الغارات على بلاد عكا فراسلوه، وطلبوا الصلح، فصالحهم عشر سنين، ثم دخل دمشق.
وفي رمضان جاءت طائفة من التتار، فأخربوا شرفات سور حرّان وبعض أسوقها، ونقلوا كثيراً من أخشابها واستاقوا معهم أهلها وأخليت ودثرت بالكلية.
وفيها وصلت رسل صمغرا والبرواناه فقالوا للسلطان: إن صمغراً يقول لك: منذ جاورك في البلاد لم يصله من جهتك رسول، وقد رأى من المصلحة أن تبعث إلى أبغا رسولاً بما تحب حتى نساعدك ونتوسط، فأكرم السلطان الرسل، ثم بعث في الرسلية الأمير فخر الدّين إياز المقري، والأمير مبارز الدّين الطوري إلى أبغا، وبعث له جيوشنا، وبعث لصمغرا قوساً، فوصلا قونية، فسار بهما البرواناه إلى أبغا، فقال: ما شأنكما؟ قالا: إن سلطاننا أرسلنا يقول لك: إن أردت أن أكون مطاوعاً لك فرد ما في يدك من بلاد المسلمين، فغضب وأغلظ لهما وقال: ما يرضى رأساً برأس، وانفصلا من غير اتفاق.
وعندي في وقوع ذلك نظر، لكن لعله سأله رد ما بيده من العراق والجزيرة، وإلا فجميع ما بيده بلاد المسلمين.
وفيها وصلت رسل بيت بركة من عند منكوتمر بن طغان يطلبون من السلطان الإعانة على استئصال شأفة أبغا.
وفي ذي الحجة سار السلطان إلى حصن الأكراد وحصن عكار، فأشرف عليهما، ورجع إلى دمشق.
وفيها تزوج الصاحب شرف الدّين هارون ابن الوزير شمس الدّين الجويني ببغداد برابعة بنت أحمد بن أمير المؤمنين المستعصم، على صداقٍ