أن أكون أنكاكم في عدوكم، وأنعمكم لكم ولاية، وأحسنكم خلقا.
وقال همام بن منبه: سمعت ابن عباس يقول: ما رأيت رجلا كان أخلق للملك من معاوية، كان الناس يردون منه على أرجاء واد رحب، لم يكن بالضيق الحصر العصعص المتغضب. يعني ابن الزبير.
وقال جبلة بن سحيم، عن ابن عمر: ما رأيت أحدا أسود من معاوية، قلت: ولا عمر؟ قال: كان عمر خيرا منه، وكان معاوية أسود منه.
وقال أيوب، عن أبي قلابة: إن كعب الأحبار، قال: لن يملك أحد هذه الأمة ما ملك معاوية.
قلت: توفي كعب قبل أن يستخلف معاوية، وصدق كعب فيما نقله، فإن معاوية بقي خليفة عشرين سنة، لا ينازعه أحد الأمر في الأرض، بخلاف خلافة عبد الملك بن مروان، وأبي جعفر المنصور، وهارون الرشيد، وغيرهم، فإنهم كان لهم مخالف، وخرج عن أمرهم بعض الممالك.
قال سويد بن سعيد: حدثنا ضمام بن إسماعيل بالإسكندرية: سمعت أبا قبيل حيي بن هانئ يخبر عن معاوية، وصعد المنبر يوم الجمعة، فقال عند خطبته: أيها الناس، إن المال مالنا، والفيء فيئنا، من شئنا أعطينا، ومن شئنا منعنا، فلم يجبه أحد، فلما كانت الجمعة الثانية قال مثل ذلك، فلم يجبه أحد، فلما كانت الجمعة الثالثة قال مثل مقالته، فقام إليه رجل فقال: كلا، إنما المال مالنا، والفيء فيئنا، من حال بيننا وبينه حكمناه إلى الله بأسيافنا. فنزل معاوية، فأرسل إلى الرجل، فأدخل عليه، فقال القوم: هلك، ففتح معاوية الأبواب، ودخل الناس، فوجدوا الرجل معه على السرير، فقال: إن هذا أحياني أحياه الله، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ستكون أئمة من بعدي. يقولون فلا يرد عليهم قولهم، يتقاحمون في النار تقاحم القردة، وإني تكلمت فلم يرد علي أحد، فخشيت أن أكون منهم، ثم تكلمت الثانية، فلم يرد علي أحد، فقلت في نفسي: إني من القوم، ثم تكلمت الجمعة الثالثة، فقام هذا فرد علي فأحياني أحياه الله، فرجوت أن يخرجني الله منهم، فأعطاه وأجازه. هذا حديث حسن.