للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تفضيل عصرٍ على آخر، فقد اعتذر الذهبي عنه بقلة الجماعة الإسلامية في صدر الإسلام من جهة (١) وعدم توفر المعلومات الدقيقة من جهة أخرى (٢). ومع كل ذلك فإن عددء المترجَمين في الطبقة الخامسة عشرة (١٤١ - ١٥٠ هـ)، يبلغ ٥١٦ مترجمًا، وفي الطبقة الحادية والثلاثين (٣٠١ - ٣١٠ هـ) بلغ ٦٦٣ مترجمًا في حين كان عدد المذكورين في الطبقة الثالثة والستين (٦٢١ - ٦٣٠ هـ) ٦٣٧ مترجمًا، وهم في الطبقة الثامنة والستين (٦٧١ - ٦٨٠ هـ) ٥٨٥ مترجمًا. أما الارتفاع غير الطبيعي في عدد المترجَمين في بعض الطبقات فإنه يعودُ إلى أسباب أخرى مثل الحروب والأوبئة التي تحدث في فترة ما فتزيدُ من عددِ الوفيات، فقد بلغ عدد المترجمين في الطبقة السبعين (٦٩١ - ٧٥٠ هـ) مثلًا ٨٢٥ مترجمًا بسبب العدد الكبير الذي قُتِلَ من العلماء بدمشق في الحرب الغازانية المشهورة سنة ٦٩٩ هـ. بحيث بلغ عدد المترجمين في هذه السنة وحدها ١٩٠ نفسًا (٣)، بينما كان عدد المذكورين في السنة التي قبلها ٦٥ نفسًا (٤) وعددهم في السنة التي بعدها ٦٧ نفسًا (٥).

[٥ - الاختصار]

وجَد الذهبيُّ، بسبب سَعَةِ اطلاعه وتمكنه العظيم في الرجال، مادةً هائلة احتوتها مئات الموارد التي اعتمدها في كتابه، يساعده على ذلك سعة النطاق الزماني لكتابه الذي يمتد من أول تاريخ الإسلام حتى سنة ٧٠٠ هـ، والنطاق المكاني الذي يشمل العالم الإسلامي كله. وقد رأينا قبل قليل كيف استطاع أن يحدد نوعية المترجَمين باختيارِ المشهورين والأعلام منهم، إلا أن المسألة التي تبدو أكثر أهمية هي كمية المعلومات التي يذكرها في الترجمة الواحدة، فقد كان لابد له، وقد تَحصَلَتْ لديه مادةٌ ضخمة، أنْ ينتقي منها ما يتفق وخطته التي اتبعها في عناصر الترجمة (٦)، ومن أجل أن لا يتضخم الكتاب أزيد من


(١) ١/ ٢٠.
(٢) انظر مقدمة الذهبي لتاريخه ١/ ١٠، وينظر أيضًا ٢/ ١٧٩.
(٣) ١٥/ ٨٩٢ - ٩٤٥.
(٤) ١٥/ ٨٦٩ - ٨٩١.
(٥) ١٥/ ٩٤٦ - ٩٦٤.
(٦) انظر أدناه الفصل الخاص عن "عناصر الترجمة".

<<  <  ج: ص:  >  >>