للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا التضخم الكبير الذي قدّره له. وقد أشار الذهبي إلى ضخامة المعلومات التي وقف عليها في مقدمة كتابه حينما قال: "إذ لو استوعبتُ التراجمَ والوقائع لبلغ الكتاب مئةَ مجلدة بل أكثر، لأن فيه مئة نفس يمكنني أن أذكر أحوالهم في خمسين مجلدًا" (١).

وعلى هذا فقد حاول جاهدًا أن يقدم ترجمة كاملة ومختصرة في الوقت نفسه، لا تؤثر فيها كمية المعلومات التي تتوافر لديه فتخرج عن خطته في الاختصار العام، فلما شعر مثلًا أن ترجمة عمر بن عبد العزيز قد طالت أنهاها بقوله: "ومناقبه طويلة اكتفينا بهذا" (٢)، واعتذر عن طول ترجمة ابن سينا بقوله: "وقد طالت هذه الترجمة" (٣). وعلى العكس من ذلك فهو يشير إلى عدم توفر مادة كافية لبعض التراجم نحو قوله: "بلغتنا أخباره مختصره" (٤) و"لم تبلغنا أخباره كما ينبغي" (٥). أو يشير إلى تقصير بعض الموارد في ترجمة شخص ما نحو قوله: "ترجمته صغيرة عند الخطيب"، أو "وقد ذكره ابن عساكر مختصرًا" أو "هو في تاريخ ابن النجار أخصر من هذا" (٦).

وقد تمكن الذهبي في الوقت نفسه أن يتخلص من المادة الضخمة التي تَحَصَّلَتْ له عن بعض المترجَمين بإحالة القارئ إلى مصادر أوسع تناولت هذا المترجم بتفصيل أكثر مما ذكره هو نحو قوله في ترجمة عمرو بن العاص: "ولعمرو بن العاص ترجمة طويلة في طبقات ابن سعد في ثمان (٧) عشرة


(١) ١/ ٥ ومن الجدير بالذكر أن الشمس السخاوي نقل من خط الذهبي أنه كان يريد أن يؤلف كتابه "التاريخ الكبير المحيط" وأنه لو عمله لجاء في ست مئة مجلد، ولكنه لم ينهض له. وقد نقل السخاوي محتويات هذا التاريخ وفيه أربعون صنفًا من أصناف المترجمين (الإعلان ص ٥١٨ - ٥٢٢).
(٢) ٣/ ١٣١.
(٣) الورقة ٢١٨ (أيا صوفيا ٣٠٠٠).
(٤) الورقة ١٩٩ (أيا صوفيا ٣٠٠٨).
(٥) الورقة ١٢٠ (أيا صوفيا ٣٠٠٩).
(٦) ينظر كتابنا: الذهبي ومنهجه ٣٥١ - ٣٥٢.
(٧) هكذا من غير ياء وهو رسم الذهبي لها، وقال الصلاح الصفدي: "الفصيح أن تقول عندي ثماني نسوة وثماني عشرة جارية وثماني مئة درهم لأن الياء هنا ياء المنقوص وهي ثابتة في حالة الإضافة والنصب" (الوافي م ١ ص ١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>