للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقلت: اللهم أبدلني بهم من هو خير منهم، وأبدلهم بي من هو شر مني. فجاء ابن النباح فآذنه بالصلاة، فخرج، وخرجت خلفه، فاعتوره رجلان: أما أحدهما فوقعت ضربته في السدة، وأما الآخر فأثبتها في رأسه.

وقال جعفر بن محمد، عن أبيه، أن عليا - رضي الله عنه - كان يخرج إلى الصلاة، وفي يده درة يوقظ الناس بها، فضربه ابن ملجم، فقال علي: أطعموه واسقوه فإن عشت فأنا ولي دمي.

رواه غيره، وزاد: فإن بقيت قتلت أو عفوت فإن مت فاقتلوه قتلتي، ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين.

وقال محمد بن سعد: لقي ابن ملجم شبيب بن بجرة الأشجعي، فأعلمه بما عزم عليه من قتل علي، فوافقه، قال: وجلسا مقابل السدة التي يخرج منها علي. قال الحسن: وأتيته سحرا، فجلست إليه فقال: إني ملكتني عيناي وأنا جالس، فسنح لي النبي - صلى الله عليه وسلم -، فذكر المنام المذكور. قال: وخرج وأنا خلفه، وابن النباح بين يديه، فلما خرج من الباب نادى: أيها الناس الصلاة الصلاة، وكذلك كان يصنع في كل يوم، ومعه درته يوقظ الناس، فاعترضه الرجلان، فضربه ابن ملجم على دماغه، وأما سيف شبيب فوقع في الطاق، وسمع الناس عليا يقول: لا يفوتنكم الرجل، فشد الناس عليهما من كل ناحية، فهرب شبيب، وأخذ عبد الرحمن، وكان قد سم سيفه.

ومكث علي يوم الجمعة والسبت، وتوفي ليلة الأحد، لإحدى عشرة ليلة بقيت من رمضان. فلما دفن أحضروا ابن ملجم، فاجتمع الناس، وجاؤوا بالنفط والبواري، فقال محمد ابن الحنفية، والحسين، وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب: دعونا نشتف منه، فقطع عبد الله يديه ورجليه، فلم يجزع ولم يتكلم، فكحل عينيه، فلم يجزع، وجعل يقول: إنك لتكحل عيني عمك، وجعل يقرأ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} حتى ختمها، وإن عينيه لتسيلان، ثم أمر به فعولج عن لسانه ليقطع، فجزع، فقيل له في ذلك. فقال: ما ذاك بجزع، ولكني أك هـ أن أبقى في الدنيا فواقا لا أذكر

<<  <  ج: ص:  >  >>