سار المغيث بالعساكر الشامية، فضرب مع المصريّين رأسًا بالرمل، فانكسر وأُسر طائفة من أمرائه، وهم أيْبَك الرومي، وأيْبَك الحمويّ، وركن الدّين الصَّيرفيّ، وابن أطلس خان الخُوَارَزْميّ، فضُربت أعناقهم صبرًا بين يدي قُطُز، ودخلوا بالرّؤوس إلى القاهرة، وهرب المغيث وأتابكه الصّوابيّ والبُنْدُقْداري في أسوأ حالٍ وأنحسه إلى الكَرَك.
كائنة بغداد
كان هولاكو قد قصد الألَموت، وهو مَعْقل الباطنيّة الأعظم وبها المقدَّم علاء الدّين محمد ابن جلال الدّين حسن المنتسب إلى نِزار ابن المستنصر ابن الظّاهر ابن الحاكم العُبَيْدي الباطنيّ، فتُوفّي علاء الدّين وقام بعده ابنه شمس الشُّموس، فنزل إلى هولاكو بإشارة النّصير الطُّوسي عليه، وكان النصير عنده وعند أبيه من قبله، فقتل هولاكو شمس الشُّموس وأخذ بلاده وأخذ الروم، وأبقى بها ركن الدّين ابن غياث الدّين كيْخُسْرو صورة بلا معنى، والحكم والتصرف لغيره.
وكان وزير العراق مؤيد الدّين ابن العَلْقمي رافضيًّا جلدًا خبيثًا داهية، والفتن في استعار بين السُّنَّة والرافضة حتى تجالدوا بالسيوف، وقُتل جماعة من الرافضة ونهبوا، وشكا أهل باب البصرة إلى الأمير ركن الدين الدُّوَيْدار والأمير أبي بكر ابن الخليفة فتقدّما إلى الجند بنهْب الكرْخ، فهجموه ونهبوا وقتلوا، وارتكبوا من الشّنعة العظائم، فحنق الوزير ونوى الشّرّ، وأمر أهل الكرْخ بالصبر والكف.
وكان المستنصر بالله قد استكثر من الجُنْد حتى بلغ عدد عسكره مائة ألف فيما بلغنا، وكان مع ذلك يصانع التّتار ويهاديهم ويرضيهم. فلما استخلف المستعصم كان خليًّا من الرّأي والتّدبير، فأُشير عليه بقطع أكثر الجند، وأنّ مصانعة التّتار وإكرامهم يحصل بها المقصود، ففعل ذلك.
وأما ابن العلقميّ فكاتب التّتار وأطمعهم في البلاد، وأرسل إليهم غلامه وأخاه، وسهّل عليهم فتح العراق، وطلب أن يكون نائبهم، فوعدوه بذلك وتأهّبوا لقصد بغداد، وكاتبوا صاحب المَوْصِل لؤلؤ في تهيئة الإقامات والسلاح، فأخذ يكاتب الخليفة سرًا ويهيِّئ لهم الآلات والإقامات، فكان