للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي آخر السنة هلك مري ملك الفرنج لا رحمه الله، وهو الذي حاصر القاهرة وأشرف على أخذها.

ولما بلغ صلاح الدين سوء تدبير الأمراء في دولة ابن نور الدين كتب إليهم ونهاهم عن ذلك. فكتب إليه ابن المقدم يردعه عن هذه العزيمة، ويقول له:

لا يقال عنك إنك طمعت في بيت من غرسك، ورباك وأسسك، وأصفى مشربك، وأضوى ملبسك، وفي دست ملك مصر أجلسك، فما يليق بحالك غير فضلك وإفضالك. فكتب إليه صلاح الدين: إنه لا يؤثر للإسلام وأهله إلا ما جمع شملهم، وألف كلمتهم، وللبيت الأتابكي، أعلاه الله تعالى، إلا ما حفظ أصله وفرعه، فالوفاء إنما يكون بعد الوفاة، ونحن في واد، والظانون بنا ظن السوء في واد.

وفيها وعظ الطوسي بالتاجية من بغداد، فقال: ابن ملجم لم يكفر بقتله عليا رضي الله عنه، فجاءه الآجر من كل ناحية، وثارت عليه الشيعة، ولولا الغلمان الذين حوله لقتل. ولما هم الميعاد الآخر بالجلوس، تجمعوا ومعهم قوارير النفط ليحرقوه، فلم يحضر، فأحرقوا منبره، وأحضره نقيب النقباء وسبه، فقال: أنت نائب الديوان، وأنا نائب الرحمن. فقال: بل أنت نائب الشيطان. وأمر به فسحب ونفي، فذهب إلى مصر وعظم بها، ولقبه: الشهاب الطوسي.

[سنة سبعين وخمسمائة]

فيها أعيد أبو الحسن ابن الدامغاني إلى قضاء القضاة ببغداد بعد أن بقي معزولا خمسة عشر عاما.

وفيها أراد المستضيء بالله إعادة ابن المظفر إلى الوزارة، فغضب من ذلك قايماز، وأغلق باب النوبي، وبات العامة وهم بأمر سوء، وقال: لا أقيم ببغداد حتى يخرج منها ابن المظفر هو وأولاده، فإنه عدوي، ومتى عاد إلى الوزارة قتلني، فقيل لابن المظفر: تخرج من البلد. فقال: لا أفعل. فلما شدد عليه قال: إن خرجت قتلت، فاقتلوني في بيتي. فتلطفوا به، فجاء فخر

<<  <  ج: ص:  >  >>