للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وقضاته: أبو محمد المالقيّ، ثم عيسى بن عمران التّازي، وتازا من أعمال فاس. ثم الحجّاج بن إبراهيم التُجيبيّ الأغماتيّ الزاهد، فاستعفى، فولي بعده أبو جعفر أحمد بن مضاء القرطبيّ.

وفي سنة اثنتين وستين وخمس مائة نزعت قبيلة غمارة الطاعة، وكان رأسهم سُبع بن حيّان ومرزدغ فدعوا إلى الفتنة. واجتمع لهم خلق، وبلاد غَمارة طولًا وعرضًا مسيرة اثنتي عشرة مرحلة، فخرج أبو يعقوب بجيوشه، فأسلمت الرجلين جموعهما فأُسِرا، وشرّدهما إلى قرطبة.

ودخل الأندلس في سنة سبع وستين مظهرا غزو الروم ومبطنا إتمام تملك جزيرة الأندلس، والتغلب على ما بيد محمد بن سعد بن مردنيش، فنزل إشبيلية، وجهّز العساكر إلى محمد، وأمّر عليهم أخاه أمير غَرناطة عثمان. فخرج محمد في جموع أكثرها من الفرنج. وكانوا أجناده، قد اتّخذهم أنصاره لمّا أحسّ باختلاف قوّاده عليه، فقتل أكثرهم، وأمّر الفرنج وأقطعهم. وأخرج الكثير من أهل مُرسِية وأسكن الفرنج دورهم. فالتقى هو والموحّدون على فرسخ من مُرسية، فانكسر وانهزم جيشه، وقُتل منهم جملة. ودخل مُرسية مستعدًّا للحصار، فضايقه الموحّدون، وما زالوا محاصرين له إلى أن مات، فسُتِرت وفاته إلى أن ورد أخوه يوسف بن سعد من بلنسية، فاتّفق رأيه ورأي القوّاد على أن يسلّموا إلى أبي يعقوب البلاد. ففعلوا ذلك، وقد قيل: إنّ محمد بن سعد لمّا احتضر أشار على بنيه بتسليم البلاد.

وسار أبو يعقوب من إشبيلية قاصدًا بلاد الأدفنش لعنه الله تعالى، فنازل مدينة وَبذة، وهي مدينة عظيمة، فحاصرها أشهرًا إلى أن اشتدّ الأمر وأرادوا تسليمها.

قال: فأخبرني جماعة أنّ أهل هذه المدينة لمّا برح بهم العطش أرسلوا إلى أبي يعقوب يطلبون الأمان، فأبى، وأطمعه ما نقل إليه من شدّة عطشهم وكثرة من يموت منهم، فلمّا يئسوا مما عنده سُمِع لهم في الليل لغَط وضجيج، وذلك أنّهم اجتمعوا يدعون الله ويستسقون، فجاء مطر عظيم كأفواه القِرَب ملأ

<<  <  ج: ص:  >  >>