فأخذت أسهل عليه وأقول: قد اجتمع لك أمرك، معك مضاء التغلبي والطهوي والمغيرة، وأنا، وجماعة، فنخرج إلى السجن في الليل فنفتحه، ويصبح معك خلق من الناس، فطابت نفسه، وبلغ ذلك المنصور فجهز جيشاً إلى البصرة، ثم سار فنزل الكوفة ليكتفي شر الشيعة وفتقهم.
قال أبو الحسن الحذاء: ألزم المنصور الناس بالسواد، فكنت أراهم يصبغون ثيابهم بالمداد، يعني السوقة، ثم جعل يحبس أو يقتل كل من يتهمه بالكوفة. وكان ابن ماعز الأسدي يبايع لإبراهيم بالكوفة سراً. وقتل المنصور جماعة كثيرة عسفاً وظلماً. وكان بالموصل ألفا فارس لمكان الخوارج، فطلبهم المنصور، فلما كانوا بباحمشا اعترض أهلها العسكر، وقالوا: لا ندعكم تجاوزونا لتنصروا أبا جعفر على إبراهيم، فقاتلوهم، فقتل منهم خمس مائة.
وأما أمير البصرة سفيان بن معاوية، فتهاون في أمر إبراهيم حتى عجز، واتسع الخرق، فبقي كلما قيل له: إبراهيم خارج لم يعرج على قول أحد فلما خرج إبراهيم جعل أصحابه ينادون سفيان وهو محصور: اذكر بيعتك في دار المخزوميين، فيقال: كان مداهناً لإبراهيم مما في قلبه على المنصور.
وكان ظهور إبراهيم في أول رمضان في الليل، فصار إلى مقبرة بني يشكر في بضعة عشر فارساً، وقدم تلك الليلة أبو حماد الأثرم في ألفين، فنزل الرحبة، فكان إبراهيم أول شيء أصاب دواب أولئك العسكر وأسلحتهم، فتقوى بها، ثم صلى بالناس الصبح في الجامع، فتحصن منه سفيان في دار الإمارة، وأقبل الخلق إلى إبراهيم من بين ناصر وناظر: ثم نزل إليه سفيان بالأمان، ودخل إبراهيم الدار، وعفا عن الجند، وقيد سفيان بقيد خفيف، فأقبل لحربه جعفر بن سليمان، وأخوه محمد بن سليمان، في ست مائة، فندب إبراهيم لقتالهم مضاء بن جعفر في خمسين من بين فارس وراجل، فهزمهم مضاء، وجرح محمد بن سليمان، ووجد إبراهيم في بيت