وجللهم بالبهاء من أردية كرامته، ووضع على مفارقهم تيجان مسرته، ونشر لهم المحبة في قلوب خليقته، ثم أخرجهم وقد أودع القلوب ذخائر الغيوب، فهي معلقة بمواصلة المحبوب، فقلوبهم إليه سائرة، وأعينهم إلى عظيم جلاله ناظرة. ثم أجلسهم بعد أن أحسن إليهم على كراسي طلب المعرفة بالدواء، وعرفهم منابت الأدواء، وجعل تلاميذهم أهل الورع والتقى، وضمن لهم الإجابة عند الدعاء، وقال: يا أوليائي إن أتاكم عليل من فرقي فداووه، أو مريض من إرادتي فعالجوه، أو مجروح بتركي إياه فلاطفوه، أو فارُّ مني فرغبوه، أو خائف مني فأمنوه، أو مستوصف نحوي فأرشدوه، أو مسيء فعاتبوه. أو استغاث بكم مستغيث فأغيثوه. في فصل طويل.
ولذي النون ترجمة طويلة في تاريخ دمشق، وأخرى في حلية الأولياء.
وما أحسن قوله: العارف لا يلتزم حالة واحدة، ولكن يلتزم أمر ربه في الحالات كلها.
قد تقدمت وفاته في سنة خمس. وكذا ورخه عبيد الله بن سعيد بن عفير. وأما حيان بن أحمد السهمي فقال: مات بالجيزة وعدي به إلى مصر في مركب خوفا من زحمة الناس على الجسر لليلتين خلتا من ذي القعدة سنة ست وأربعين. وقال آخر: سنة ثمان وأربعين. والأول أصح. وقد قارب التسعين أو جازها.
١٨٥ - ق: راشد بن سعيد، أبو بكر المقدسي.
حدث سنة ثلاث وأربعين عن الوليد بن مسلم، وضمرة بن ربيعة. وعنه ابن ماجه، وأبو حاتم الرازي، وعبد الله بن محمد بن سلم المقدسي.