للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرغانة، فقال: انطلقوا مع هذا فأطيعوه، وكتب إلى عامل بيت المقدس: إن فلانا أمير عليك فأطعه، فلما قدم أعطاه الكتاب، فقال: مرني بما شئت، فقال: اجمع لي إن قدرت كل شمعة ببيت المقدس، وادفع كل شمعة إلى رجل، ورتبهم على أزقة البلد، فإذا قلت أسرجوا، فأسرجوا جميعا، ففعل ذلك، وتقدم البصري وحده إلى منزل الحارث، فأتى الباب، فقال للحاجب: استأذن لي على نبي الله، فقال: في هذه الساعة ما نؤذن عليه حتى نصبح، قال: أعلمه أني إنما رجعت شوقا إليه قبل أن أصل، فدخل فأعلمه كلامه وأمره، قال: ففتح الباب، ثم صاح البصري أسرجوا، فأسرجت الشموع حتى كأنه النهار، ثم قال: من مر بكم فاضبطوه، ودخل كما هو إلى الموضع الذي يعرفه، فنظر فإذا هو لا يجده، فطلبه فلم يجده، فقال أصحابه: هيهات، تريدون أن تقتلوا نبي الله، قد رفع إلى السماء، قال: فطلبه في شق كان قد هيأه سربا، قال: فأدخل يده في ذلك الشق، فإذا بثوبه، فاجتره فأخرجه، ثم قال للفرغانيين: اضبطوا، فربطوه، قال: فبينا هم يسيرون به إذ قال: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ} فقال أهل فرغانة: هذا كرآننا فهات كرآنك أنت، فسار به حتى أتى به عبد الملك، فأمر بخشبة فنصبت، وصلبه، وأمر رجلا بحربة فطعنه، فأصاب ضلعا من أضلاعه، فكفت الحربة، فجعل الناس يصيحون: الأنبياء لا يجوز فيهم السلاح، فلما رأى ذلك رجل من المسلمين تناول ال ربة ومشى إليه فطعنه فأنفذه.

قال الوليد بن مسلم: فبلغني أن خالد بن يزيد بن معاوية دخل على عبد الملك، فقال: لو حضرتك ما أمرتك بقتله، قال: ولم! قال: كان به المذهب، فلو جوعته ذهب ذلك عنه.

قال الوليد، عن المنذر بن نافع أنه سمع خالد بن اللجلاج يقول لغيلان: ويحك يا غيلان، ألم نأخذك في شبيبتك ترامي النساء في شهر رمضان بالتفاح، ثم صرت حارثيا تحجب امرأته، وتزعم أنها أم المؤمنين، ثم صرت قدريا زنديقا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>