للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يخرج الركب العراقي لعدم الماء والعشب، وكانت سنة مقحطة. وحجّ من حجّ على خطر. ورجع طائفة فنزلت عليهم عرب، فأخذوا أكثر الأموال، وقتل جماعة.

وفي ذي القعدة هبّت ببغداد ريح شديدة نصف الليل، وظهرت أعمدة مثل النار في أطراف السماء كأنها تتصاعد من الأرض، واستغاث الناس استغاثة شديدة. وبقي الأمر على ذلك إلى السّحر.

قال ابن الجوزي: وجلست يوم الجمعة بباب بدر، وأمير المؤمنين يسمع.

وفيها اجتمعت الفرنج عند حصن الأكراد، وسار السلطان الملك الناصر صلاح الدين فنزل على حمص في مقابلة العدوّ. فلما أمن من غاراتهم سار إلى بعلبكّ، فنزل على رأس العين، وأقام هناك أشهرًا يراود شمس الدين ابن المقدّم على طاعته، وهو يأبى.

ولم يزل الأمر كذلك إلى أن دخل رمضان، فأجاب شمس الدين إلى تسليم بعلبكّ على عوض طلبه. فتسلّمها السلطان، وأنعم بها على أخيه المعظّم شمس الدولة تورانشاه بن أيوب. وسار إلى دمشق في شوّال. ثم أقطع أخاه شمس الدولة تورانشاه بمصر، واستردّ منه بعلبكّ.

قال ابن الأثير: وفي ذي القعدة أغارت الفرنج على بلاد الإسلام وعلى أعمال دمشق، فسار لحربهم فرّخشاه ابن أخي السلطان في ألف فارس، فالتقاهم وألقى نفسه عليهم، وقتل من مقدميهم جماعةً، منهم هنفري، وما أدراك ما هنفري! به كان يضرب المثل في الشجاعة.

وفيها أغار البرنس صاحب أنطاكية على شيزر.

وأغار صاحب طرابلس على التركمان.

وفيها أنعم السلطان على ابن أخيه الملك المظفر تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب بحماة، والمعرة، وفامية، ومنبج، وقلعة نجم. فتسلمها وبعث نوابه إليها، وذلك عند وفاة صاحب حماة شهاب الدين محمود خال السلطان. ثم توجه إليها الملك المظفر تقي الدين، ورتب في خدمته أميران كبيران: شمس الدين ابن المقدم، وسيف الدين علي ابن المشطوب، فكانوا في مقابلة صاحب

<<  <  ج: ص:  >  >>