الفوطة بركة أمير المؤمنين. ثم استدعاه المقتدي فبايعه منفردا.
ولما توفي كان يوم جنازته يوما مشهودا، وحفر له إلى جانب قبر الإمام أحمد، ولزم الناس قبره ليلا ونهارا، حتى قيل: ختم على قبره أكثر من عشرة آلاف ختمة. ورؤي في النوم فقيل له: ما فعل الله بك؟ قال: لقيني أحمد بن حنبل فقال: يا أبا جعفر، لقد جاهدت في الله حق جهاده، وقد أعطاك الله الرضا.
وطول ترجمته ابن الفراء إلى أن قال فيها: وأخذ الشريف أبو جعفر بن أبي موسى في فتنة أبي نصر ابن القشيري، وحبس أياما، فسرد الصوم وقال: ما آكل لأحد شيئا. ودخلت عليه في تلك الأيام، فرأيته يقرأ في المصحف، فقال لي: قال الله تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ} الصبر: الصوم. ولم يفطر إلى أن بلغ منه المرض، فلما ثقل وضج الناس من حبسه أخرج إلى الحريم الطاهري فمات هناك، ومولده في سنة إحدى عشرة وأربعمائة.
وقال شجاع: توفي في نصف صفر سنة سبعين.
٣٢٠ - عبد الرحمن بن محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده، واسمه إبراهيم بن الوليد، أبو القاسم ابن الحافظ أبي عبد الله العبدي الأصبهاني.
كان كبير الشأن جليل المقدار، حسن الخط واسع الرواية، أمارا بالمعروف نهاء عن المنكر، ذا وقار وسكون وسمت، له أصحاب وأتباع يقتفون بآثاره.
ولد سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة، وهو أكبر الإخوة. أجاز له زاهر بن أحمد السرخسي، وسمع الكثير من أبيه، وإبراهيم بن خرشيد قوله، وإبراهيم بن محمد الجلاب، وأبي بكر بن مردويه، وأبي جعفر بن المرزبان الأبهري، وأبي ذر ابن الطبراني، وأبي عمر الطلحي. وسافر إلى بغداد سنة ست وأربعمائة، فأدرك نفرا من أصحاب المحاملي، وسمع بواسط من ابن خزفة الواسطي، وبمكة من أبي الحسن بن جهضم وابن نظيف الفراء. وسمع بشيراز، والدينور، وهمذان. ودخل نيسابور، وسمع من أبي بكر الحيري،