أسألك عنه، فزعموا أنّه قال: لا تسألني باللّات والعزّى، فوالله ما أبغضت بغضهما شيئا قطّ. فقال له: فبالله إلاّ ما أخبرتني عمّا أسألك عنه، فجعل يسأله عن أشياء من حاله، فتوافق ما عنده من الصّفة، ثم نظر فيه أثر خاتم النّبوّة، فأقبل على أبي طالب، فقال: ما هو منك؟ قال: ابني. قال: ما ينبغي أن يكون أبوه حيّا. قال: فإنّه ابن أخي. قال: ارجع به واحذر عليه اليهود، فوالله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفته ليبغنّه شرّا، فإنّه كائن لابن أخيك شأن، فخرج به أبو طالب سريعا حتى أقدمه مكّة حين فرغ من تجارته. وذكر الحديث.
وقال معتمر بن سليمان: حدّثني أبي، عن أبي مجلز: أن أبا طالب سافر إلى الشام ومعه محمد، فنزل منزلا، فأتاه راهب فقال: فيكم رجل صالح، ثم قال: أين أبو هذا الغلام؟ قال أبو طالب: ها أنذا وليّه. قال: احتفظ به ولا تذهب به إلى الشّام، إنّ اليهود قوم حسد، وإنّي أخشاهم عليه. فردّه.
وقال ابن سعد: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثني عبد الله بن جعفر وجماعة، عن داود بن الحصين، أنّ أبا طالب خرج تاجرا إلى الشام، ومعه محمد، فنزلوا ببحيرا. . . الحديث.
وروى يونس عن ابن شهاب حديثا طويلا فيه: فلمّا ناهز الاحتلام، ارتحل به أبو طالب تاجرا، فنزل تيماء، فرآه حبر من يهود تيماء، فقال لأبي طالب: ما هذا الغلام؟ قال: هو ابن أخي، قال: فوالله إن قدمت به الشّام لا تصل به إلى أهلك أبدا، لتقتلنّه اليهود إنّه عدوّهم، فرجع به أبو طالب من تيماء إلى مكة.
قال ابن إسحاق: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما ذكر لي، يحدّث عمّا كان الله تعالى يحفظه به في صغره، قال: لقد رأيتني في غلمان من قريش