للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له، فاشترى بسوق النبط (١)، وقالوا: من أين جلبك؟ قال: جئت به من نجد، وقد رأيت أنمارا وثعلبة قد جمعوا لكم جموعا، وأراكم هادين عنهم. فبلغ رسول الله قوله، فخرج في أربع مائة من أصحابه - وقيل سبع مائة - وسلك على المضيق، ثم أفضى إلى وادي الشقرة، فأقام بها يوما، وبث السرايا، فرجعوا إليه مع الليل وأخبروه أنهم لم يروا أحدا، وقد وطئوا آثارا حديثة. ثم سار النبي في أصحابه، حتى أتى محالهم، فإذا ليس فيها أحد، وهربوا إلى الجبال، فهم مطلون على النبي . وخاف الناس بعضهم بعضا. وفيها صلى رسول الله بأصحابه صلاة الخوف.

وقال عبد الملك بن هشام (٢): وإنما قيل لها ذات الرقاع لأنهم رقعوا فيها راياتهم. قال: ويقال ذات الرقاع شجرة هناك. والظاهر أنهما غزوتان (٣).

وقال شعيب، عن الزهري، حدثني سنان بن أبي سنان الدؤلي، وأبو سلمة، عن جابر أنه غزا مع رسول الله قبل نجد، فلما قفل قفل معه، فأدركته القائلة في واد كثير العضاه، فنزل وتفرق الناس في العضاه يستظلون بالشجر. وقال هو تحت شجرة فعلق بها سيفه. فنمنا نومة، فإذا رسول الله يدعونا فأجبناه، فإذا عنده أعرابي جالس، فقال رسول الله : إن هذا اخترط سيفي وأنا نائم، فاستيقظت وهو في يده صلتا، فقال: من يمنعك مني؟ قلت: الله. فشام السيف وجلس. فلم يعاقبه رسول الله ، وقد فعل ذلك. متفق عليه (٤)، وشام: أغمد.

قال أبو عوانة، عن أبي بشر: اسم الأعرابي غورث بن الحارث.

ثم روى أبو بشر، عن سليمان بن قيس، عن جابر قال: قاتل رسول


(١) ذكر الفيروزآبادي في "القاموس المحيط" أنه واد بناحية المدينة.
(٢) ابن هشام ٢/ ٢٠٤.
(٣) كتب على هامش نسخة البشتكي تعليق لعله بخط السخاوي نصه: "هذه الأولى، والثانية في سنة خمسٍ لعشر خَلَوْن من المحرم كما سيأتي في كلامه".
(٤) البخاري ٤/ ٤٧ و ٤٨ و ٥/ ١٤٦ و ١٤٨، ومسلم ٢/ ٢١٤ و ٢١٥ و ٧/ ٦٢، ودلائل النبوة ٣/ ٣٧٣. وانظر المسند الجامع حديث (٢٩٥٨) و (٢٩٥٩).