قال: كان لا يقوم خليفة من بني أمية إلا سب علياً، فلم يسبه عمر بن عبد العزيز حين استخلف، فقال كثير:
وليت فلم تشتم علياً ولم تخف بنيه ولم تتبع سجية مجرم وقلت فصدقت الذي قلت بالذي فعلت فأضحى راضياً كل مسلم
وكان قد أحب عزة وشبب بها، فمن ذلك:
وإني لتهيامي بعزة بعد ما تخليت مما بيننا وتخلت لكالمرتجى ظل الغمامة كلما تبوأ منها للمقيل اضمحلت وقلت لها: يا عز كل مصيبةٍ إذا ذللت يوماً لها النفس ذلت
قال يونس بن حبيب النحوي: كان عبد الله بن إسحاق يقول: كثير أشعر أهل الإسلام، ورأيت ابن أبي حفصة يعجبه مذهبه في المديح جداً، يقول: كان يستقصي المديح، وكان فيه خطلٌ وعجبٌ، وكانت له عند قريشٍ منزلةٌ وقدرٌ.
وروى سعيد بن يحيى الأموي، عن أبيه قال: لقيت امرأةٌ كثير عزة، وكان قليلاً دميماً، فقالت: من أنت؟ قال: كثير عزة، فقالت: تسمع بالمعيدي خيرٌ من أن تراه، قال: مهٍ أنا الذي أقول:
فإن أك معروق العظام فإنني إذا ما وزنت القوم بالقوم وازن.
قالت: وكيف تكون بالقوم وازناً وأنت لا تعرف إلا بعزة! قال: والله لئن قلت ذاك لقد رفع الله بها قدري، وزين بها شعري، وإنها لكما قلت:
وما روضة بالحزن طاهرة الثرى يمج الندى جثجاثها وعرارها بأطيب من أردان عزة موهناً وقد أوقدت بالمندل الرطب نارها من الخفرات البيض لم تلق شقوةً وبالحسب المكنون صافٍ نجارها فإن برزت كانت لعينك قرةً وإن غبت عنها لم يعممك عارها
قال الزبير بن بكار: قال عمر بن عبد العزيز: إني لأعرف صلاح بني هاشم وفسادهم بحب كثير، فمن أحبه منهم فهو فاسد، ومن أبغضه فهو صالح، لأنه كان خشبياً يؤمن بالرجعة.