للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فسلمت عليه فقلت: يا أبا عبد الله، إنك قد صحبت رسول الله ، فكنت من صالحي أصحابه، قال: بحمد الله. قلت: واستعملك، وقبض راضيا عنك. قال: بمن الله. ثم نظر إلي شزرا، فقلت: قد وليت أمر هذه الأمة، فانظر ما أنت صانع، فنزع عنانه من يدي، ثم قال: إيها تيس جهينة، ما أنت وهذا؟ لست من أهل السر ولا العلانية، والله ما ينفعك الحق ولا يضرك الباطل، فأنشأ معبد يقول:

إني لقيت أبا موسى فأخبرني … بما أردت وعمرو ضن بالخبر

شتان بين أبي موسى وصاحبه … عمرو لعمرك عند الفضل والخطر

هذا له غفلة أبدت سريرته … وذاك ذو حذر كالحية الذكر

قال أبو إسحاق الجوزجاني (١): كان قوم يتكلمون في القدر احتمل الناس حديثهم لما عرفوا من اجتهادهم في الدين والصدق والأمانة، لم يتوهم عليهم الكذب، وإن بلوا بسوء رأيهم، فمنهم: قتادة، ومعبد الجهني، وهو رأسهم.

وقال محمد بن شعيب: سمعت الأوزاعي يقول: أول من نطق في القدر رجل من أهل العراق، يقال له سوسن (٢)، كان نصرانيا فأسلم، ثم تنصر، فأخذ عنه معبد الجهني، وأخذ غيلان عن معبد.

وقال محمد بن حمير: حدثنا محمد بن زياد الألهاني قال: كنا في المسجد، إذ مر بمعبد الجهني إلى عبد الملك، فقال الناس: إن هذا لهو البلاء، فسمعت خالد بن معدان يقول: إن البلاء كل البلاء إذا كانت الأئمة منهم.

وقال مرحوم العطار: حدثني أبي وعمي، قالا: سمعنا الحسن يقول: إياكم ومعبدا الجهني، فإنه ضال مضل.

وقال جرير بن حازم، عن يونس بن عبيد، قال: أدركت الحسن وهو يعيب قول معبد، يقول: هو ضال مضل، قال: ثم تلطف له معبد، فألقى في نفسه ما ألقى.


(١) أحوال الرجال ١٨١ - ١٨٢ (رقم ٣٢٧ و ٣٢٨ و ٣٢٩).
(٢) أشار ناسخ ق ١ في الهامش أنه في نسخة أخرى: "سويس"، وكذلك هو في ك، وما هنا من بقية النسخ ومن تهذيب الكمال ٢٨/ ٢٤٥.