لهم بعدها قائمة، وفي يوم الخميس سلخ الشهر فُتحت عكا بالأمان، ورُفعت بها أعلام الإيمان، وهي أمُّ البلاد، وأخت إرمَ ذات العماد، إلى أن قال: فأمّا القتلى والأسرى فإنها تزيد على ثلاثين ألفًا، يعني في وقعة حطّين وما حولها في هذا الأسبوع.
وقد ذكر العماد أيضًا أنّه خُلّص من هذه السنة من أسر الكُفر أكثر من عشرين ألف أسير، ووقع في الأسر من الكفار مائة ألف أسير. هكذا قال.
ثم سار السّلطان إلى عكا فوصلها بعد خمسة أيامٍ من الوقعة، فأخذها بالأمان، وملَكها بلا مشقة. وبلغ السّلطان الملك العادل هذا النصرُ العظيمُ، فخرج من مصر بالجيوش، فمرّ بيافا ومجدل فافتتحهما عنوةً، وغنم من الأموال ما لا يوصف. ثم فتح الله الناصرة وصفورية على يد مظفر الدّين صاحب إربل عنوةً، وفُتحت قيسارية على يد دلدرم وغرس الدّين قليج عَنوة، ونابلس على يد حسام الدّين لاجين بالأمان بعد قتالٍ شديد، ثم حصن الفولة بالأمان.
ثم نازل السّلطان تبنين فافتتحها، ثم صيدا فافتتحها، ثم بيروت ثم جُبَيل، ثم سار إلى عسقلان فحاصرها وضيّق عليها بالقتال والمجانيق، ثم أخذها بالأمان. وأخذ الرملة، والدّاروم، وغزّة، وبيت جبريل، والنَّطرُون بالأمان.
ثم سار مؤيدًا منصورًا إلى البيت المقدس، فنزل عليه من غربيه في نصف رجب، وكان بها يومئذٍ ستون ألف مقاتل. فقاتلهم المسلمون أشد قتال، ثم انتقل السّلطان بعد خمسٍ إلى الجانب الشمالي من البلد ونصب المجانيق ووقع الجدّ، فطلب الفِرنج الأمان، فأمَّنهم بعد تمنُّع، وقرر على كل رجلٍ عشرة دنانير، وعلى كل امرأةٍ خمسة دنانير، وعلى كل صغير أو صغيرةٍ دينارين، وإن من عجز أُمهل أربعين يومًا، ثم يُسترقّ، فأجابوا إلى ذلك وجمع المال فكان سبعمائة ألف دينار، فقسّمه في الجيش. وبقي ثلاثون ألفًا ليس لهم فكاك، فاستعبدهم وفرَّقهم. وخلّص من أسارى المسلمين عشرين ألفًا، وخرج منها البترَك بأموالٍ لا تُحصى، فأراد الأمراء الغدر به فمنعهم وخَفَره، وقال: الوفاء خير من الغدر، وهذا البترك عندهم أعظم رُتبةً من ملك الفرنج.
وكان هرب إلى بيت المقدس من الكبار صاحب الرملة ياليان بن