فعبر خلفه. وجاء هارون إلى حي من العرب، فأخذ دابة ومضى، وجاء الحسين فسألهم فكتموه، فقال: المعتضد في أثري؛ فأخبروه بمكانه، فأتبعه في مائة فارس، فأدركه. فناشده هارون الشاري وتوعده، فألقى الحسين نفسه عليه، وأسره، وجاء به إلى المعتضد، فأمر بفك قيود حمدان والتوسعة عليه. ورجع بهارون إلى بغداد، وخلع على الحسين بن حمدان وطوقه، وعملت قباب الزينة، وركبوا هارون فيلا بين يدي المعتضد، وازدحم الخلق حتى سقط كرسي الجسر الأعلى ببغداد، فغرق خلق كثير. وكان على المعتضد قباء أسود، وعمامة سوداء، وجميع الأمراء يمشون بين يديه.
وفيها ولي طغج بن جف إمرة دمشق لجيش الطولوني.
وفيها وصلت تقادم عمرو بن الليث أمير خراسان، فكانت مائتي حمل مال ومائتي جمارة وغير ذلك من التحف.
وفيها خلع المعتضد على حمدان بن حمدون وأطلقه.
وفيها كتبت الكتب إلى الآفاق، بأن يورث ذوو الأرحام، وأن يبطل ديوان المواريث، وكثر الدعاء للمعتضد. وكان قد سأل أبا حازم القاضي عن ذلك، فقال: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله، فقال المعتضد: قد روي عدم الرد عن الخلفاء الأربعة. فقال أبو حازم: كذب الناقل عنهم؛ بل كلهم ردوا، هم وجميع الصحابة، سوى زيد بن ثابت، وكان زيد يخفيه حتى مات عمر، وهو مذهب فقهاء التابعين ومن بعدهم. ولم يذهب إلى قول زيد غير الشافعي في أحد القولين، والقول الآخر كالجماعة. فقال المعتضد: اكتبوا بذلك إلى الآفاق.
وفيها خرج عمرو بن الليث من نيسابور، فهاجمها رافع بن هرثمة وخطب بها لمحمد بن يزيد العلوي، فعاد عمرو ونزل بظاهر نيسابور محاصراً لها.
وفيها وثب الجند من البربر على جيش بن خمارويه، وقالوا: تنح عن الأمر لنولي عمك، فكلمهم كاتبه علي بن أحمد المادرائي، وسألهم أن ينصرفوا عنهم يومهم، فانصرفوا. فغدا جيش على عمه أبي العشائر، فضرب عنقه وعنق عم له آخر، ورمى برؤوسهما إليهم. فهجم الجند على جيش