وقال أبو سعد ابن السمعاني في الذيل في ترجمته: كان مهيباً، وقوراً، ثقة، متحرياً، حجة، حسن الخط، كثير الضبط، فصيحاً، ختم به الحفاظ.
وقال: رحل إلى الشام حاجاً، فسمع بدمشق، وصور، ومكة، ولقي بها أبا عبد الله القضاعي، وقرأ صحيح البخاري في خمسة أيام على كريمة المروزية، ورجع إلى بغداد، ثم خرج منها بعد فتنة البساسيري، لتشوش الحال، إلى الشام سنة إحدى وخمسين، فأقام بها إلى صفر سنة سبع وخمسين. وخرج من دمشق إلى صور، فأقام بصور، وكان يزور البيت المقدس ويعود إلى صور، إلى سنة اثنتين وستين وأربعمائة، فتوجه إلى طرابلس، ثم إلى حلب، ثم إلى بغداد على الرحبة، ودخل بغداد في ذي الحجة. وحدث في طريقه بحلب، وغيرها.
سمعت الخطيب مسعود بن محمد بمرو يقول: سمعت الفضل بن عمر النسوي يقول: كنت بجامع صور عند أبي بكر الخطيب، فدخل عليه علوي وفي كمه دنانير فقال: هذا الذهب تصرفه في مهماتك. فقطب وجهه وقال: لا حاجة لي فيه. فقال: كأنك تستقله؟ ونفض كمه على سجادة الخطيب، فنزلت الدنانير، فقال: هذه ثلاثمائة دينار. فقام الخطيب خجلاً محمراً وجهه وأخذ سجادته ورمى الدنانير وراح، فما أنسى عز خروجه، وذل ذلك العلوي وهو يلتقط الدنانير من شقوق الحصير.
وقال الحافظ ابن ناصر: حدثني أبو زكريا التبريزي اللغوي قال: دخلت دمشق فكنت أقرأ على الخطيب بحلقته بالجامع كتب الأدب المسموعة له، وكنت أسكن منارة الجامع، فصعد إلي وقال: أحببت أن أزورك في بيتك. فتحدثنا ساعة، ثم أخرج ورقة وقال: الهدية مستحبة، اشتر بهذا أقلاماً ونهض. قال: فإذا هي خمسة دنانير مصرية. ثم صعد مرة أخرى، ووضع نحواً من ذلك، وكان إذا قرأ الحديث في جامع دمشق يسمع صوته في آخر الجامع. وكان يقرأ معرباً صحيحاً.
وقال أبو سعد: سمعت على ستة عشر نفسا من أصحابه سمعوا منه