أتهويمة في ظل أمنٍ وغبطةٍ وعيش كنوار الخميلة ناعم وكيف تنام العين ملء جفونها على هفوات أيقظت كل نائم؟ وإخوانكم بالشام يضحي مقيلهم ظهور المذاكي أو بطون القشاعم تسومهم الروم الهوان وأنتم تجرون ذيل الخفض فعل المسالم فكم من دماء قد أبيحت، ومن دمى توارى حياء حسنها بالمعاصم بحيث السيوف البيض محمرة الظبا وسمر العوالي داميات اللهاذم يكاد لهن المستجن بطيبةٍ ينادي بأعلى الصوت: يا آل هاشم أرى أمتي لا يشرعون إلى العدى رماحهم، والدين واهي الدعائم ويجتنبون النار خوفاً من الردى ولا يحسبون العار ضربة لازم أترضى صناديد الأعاريب بالأذى وتغضي على ذلٍ كماة الأعاجم فليتهم إذ لم يردوا حمية عن الدين ضنوا غيرة بالمحارم قال أبو المظفر سبط ابن الجوزي: سارت الفرنج ومقدمهم كندهري في ألف ألف، منهم خمسمائة ألف مقاتل، وعملوا برجين من خشب مطلين على السور، فأحرق المسلمون البرج الذي كان بباب صهيون، وقتلوا من فيه، وأما الآخر فزحفوا به حتى ألصقوه بالسور وحكموا به على البلد، وكشفوا من كان بإزائهم، ورموا بالمجانيق والسهام رمية رجلٍ واحدٍ، فانهزم المسلمون من السور.
قلت: هذه مجازفة بينة، بل حكى ابن منقذ: أن ما جرى كان بجبيل، وأن قوما وقفوا على سورها بأمر الوالي في مضيق لا يكاد يعبر منه إلا واحد بعد واحد، قال: فكان عدد خيلهم ستة آلاف ومائة فارس، والرجالة ثمانية وأربعون ألفاً، ولم تزل دار الإسلام منذ فتحها عمر رضي الله عنه.
قال ابن الأثير: وكان الأفضل لما بلغه نزولهم على القدس تجهز وسار من مصر في عشرين ألف فارس، فوصل إلى عسقلان ثاني يوم الفتح، ولم يعلم، وراسل الفرنج. فأعادوا الرسول بالجواب، ورحلوا في أثره وطلعوا على المصريين عقيب وصول الرسول، ولم يعلم المصريون بشيء، فبادروا