وجلس لذلك بجامع قرطبة، وسمع منه الأعلام، وأخبرنا عنه غير واحد، ووصفوه بالجلالة، والحفظ، والنباهة، والتواضع، والصيانة.
قال السهيلي في الروض: حدثني أبو بكر بن طاهر، عن أبي علي الغساني، أن أبا عمر بن عبد البر قال له: أمانة الله في عنقك، متى عبرت على اسم من أسماء الصحابة لم أذكره، إلا ألحقته في كتابي الذي في الصحابة.
وقال ابن بشكوال: قال شيخنا أبو الحسن بن مغيث: كان من أكمل من رأيت علما بالحديث، ومعرفة بطرقه وحفظا لرجاله، عانى كتب اللغة، وأكثر من رواية الأشعار، وجمع من سعة الرواية ما لم يجمعه أحد أدركناه، وصحح من الكتب ما لم يصححه غيره من الحفاظ، كتبه حجة بالغة، جمع كتابا في رجال الصحيحين سماه تقييد المهمل وتمييز المشكل وهو كتاب حسن مفيد، أخذه الناس عنه.
قال ابن بشكوال: وسمعناه على القاضي أبي عبد الله بن الحاج، عنه، وتوفي ليلة الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من شعبان، ومولده في المحرم سنة سبع وعشرين وأربعمائة، وكان قد لزم داره قبل موته بمدة لزمانة لحقته.
قلت: روى عنه محمد بن محمد بن الحكم الباهلي شيخ العثماني، والسلفي في سماع تقييد المهمل ومحمد بن أحمد بن إبراهيم الجياني المشهور بالبغدادي، وأبو علي بن سكرة، وأبو العلاء زهر بن عبد الملك الإيادي، وعبد الله بن أحمد بن سماك الغرناطي، وعبد الرحمن بن أحمد بن أبي ليلى الأنصاري الحافظ، ويوسف بن يبقى النحوي، وخلق كثير، آخرهم فيما أرى وفاة: محمد بن عبد الله بن خليل القيسي مسند مراكش، سمع منه صحيح مسلم، وتوفي سنة سبعين وخمس مائة.
٣٠٨ - سقمان، ويقال: سكمان بن أرتق بن أكسب التركماني.
ولي هو وأخوه إيل غازي إمرة القدس الشريف بعد أبيهما، فقصدهما الأفضل شاهنشاه أمير الجيوش، وأخذه منهما في شوال سنة إحدى وتسعين،