العشاء، وتحدث معه ساعة، ثم عاد إلى البلد. ثم خرج مرة أخرى فوفق الحال.
وخرج الصالح وصاحب حمص إلى بعلبك وسلموا البلد، ودخل من الغد معين الدين ابن الشيخ دمشق. وكان المغيث ابن الصالح نجم الدين قد مات بحبس القلعة ودفن عند جده بالكاملية. وكان معين الدين حسن السياسة، لم يمكن الخوارزمية من دخول البلد خوفاً أن ينهبوها. ثم جهز الوزير السامري تحت الحوطة إلى مصر.
وأما الخوارزمية فلم يطلعوا على الصلح، فرحلوا إلى داريا ونهبوها، وغضبوا على ابن الشيخ ورحلوا عن دمشق. وراسلوا الصالح إسماعيل في أن يكون معهم، وانتقض الصلح، وعادت الخوارزمية تحاصر البلد وبه معين الدين ابن الشيخ.
وجاءهم إسماعيل من بعلبك بعد موت ابن الشيخ وضيقوا على دمشق. وقلت بها الأقوات وأكلوا الجيف، وبلغت الغرارة القمح ألف وستمائة درهم، وأبيعت الأملاك والأمتعة بالهوان، وبلغ الخبز كل وقيتين إلا ربع بدرهم، واللحم رطل بتسعة دراهم. وهلك الناس وماتوا جوعاً على الطرق، وأنتنت الدنيا لهم، ووقع المرض والوباء المفرط. وآل الأمر بأن عجزوا عن دفن أكثر الناس، فكانوا يحفرون لهم حفائر ويرمون الموتى فيهم بلا غسل ولا كفن. هذا، والخمور دائرة، والفسق ظاهر، والمكوس بحالها.
فلما علم الصالح نجم الدين بانقلاب الدست راسل الملك المنصور يفسده ويستميله، فأجابه. وتوفي في وسط الأمر معين الدين ابن شيخ الشيوخ في رمضان. وكان قد نزل بدار سامة. ودخل الشهاب رشيد فتسلم القلعة. وولى معين الدين القضاء صدر الدين ابن سني الدولة، والولاية جمال الدين هارون. ووصل سيف الدين ابن قليج من عجلون منفصلاً عن الناصر، وأوصى بعجلون وبأمواله للصالح نجم الدين، ونزل بدار فلوس فمات.
وقال شهاب الدين أبو شامة: في أولها اجتمع على دمشق عساكر عظيمة من المصريين والخوارزمية وغيرهم. وأحرق قصر حجاج والشاغور وجامع جراح ونصبت المجانيق، ورمي بها من باب الجابية وباب الصغير،