للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٤ - الإنتاج والتلاميذ]

حرص الذهبيُّ حرصًا بالغًا في ذكر تحديث المترجم له، وذكرَ بتفصيلٍ وافٍ المشاهيرَ الذين رووا عنه، أعني تلامذته. وهذا القسم من الترجمة هو من اختراع الذهبي في الأغلب الأعم لم ينقله من كتب أخرى لكنه اطلع على رواية هؤلاء الشيوخ عن المترجم فذكرها، وبذلك استطاع أن يحبك التراجم السابقة واللاحقة وينسجها نسجًا دلل على عظيم اطلاعه وقدرته ومعرفته التامة بهذا الفن، ولذلك فإنه غالبًا ما يُصَدِّرُ ذِكْرَهُ للرواة عنه بكلمة "قلتُ" للتدليل على أن هذا القسم من الترجمة لم ينقله عن أحد.

واعتنى الذهبي بذكر ما توفر له من الكتب المشهورة التي ألفها صاحب الترجمة، لكنه لم يعتن بالاستقصاء على نحو ما فعل مثلًا ياقوت الحموي في "معجم الأدباء" وابن القفطي في "إنباه الرواة" وابن قاضي شهبة في "طبقات اللغويين والنحاة" وغيرهم. ومع ذلك فإنه في حالة عدم ذكرها يشير إلى كثرة تآليف المترجم أو قِلَّتها أو نفاستها بأقوالٍ دالة على ذلك نحو قوله: "وله تصانيف حسنة في فنون" (١)، أو "وبرع في الطب وصنّف فيه كتابًا حافلًا" (٢)، ونحو ذلك (٣). على أنه في الوقت نفسه يعنى بذكر المؤلف الذي يجد فيه براعةً أو غرابةً أو غلطًا نحو قوله في ترجمة إسحاق بن غانم العلثي المتوفى سنة ٦٣٤ هـ: "ورأيت له رسالة في ورقات كتبها إلى ابن الجوزي ينكر عليه خوضه في التأويل وينكر عليه ما يخاطب به الملائكة على طريق الوعظ، فما قصّر وأبان عن فضيلة وورع" (٤)، ونحو قوله في ترجمة أبي بكر الزاهد المتوفى سنة ٦٧٢ هـ: "وله شعر كثير رأيته في ديوان مفرد، وهو شعر طيب يقع على القلب ويحرك الساكن ويثير العزم وإن كان ملحونًا" (٥)، وقوله في ترجمة محمد بن علي بن يوسف بن ميسّر، تاج الدين أبي عبد الله المؤرخ


(١) الورقة ٣٧ (أيا صوفيا ٣٠١١).
(٢) الورقة ٧٩ من النسخة السابقة.
(٣) انظر مثلًا: الورقة ١٢ (أيا صوفيا ٣٠٠٧)، والورقة ١٠٠، ١٠١، ١٩٤، ٢٢٠ (أيا صوفيا ٣٠٠٨)، والورقة ٩٣ (أيا صوفيا ٣٠٠٩) وغيرها.
(٤) الورقة ١٤٤ (أيا صوفيا ٣٠١٢).
(٥) الورقة ١٦ (أيا صوفيا ٣٠١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>